المعاني البلاغية المرتبطة بالاستفهام
يتسم الاستفهام في اللغة العربية بتنوع معانيه، ويُستخدم لأغراض بلاغية متنوعة كما يلي:
التشويق
يعكس التشويق رغبة السائل في جذب انتباه المتحدث إلى موضوع معين. ومن الأمثلة على ذلك:
- قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “لا تدخلون الجنة حتّى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتّى تحابوا، أولا أدلّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم”.
- قول الله تعالى: “يا أيّها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم”.
- قول الله تعالى: “فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى”.
الإنكار
يأتي الإنكار عندما يكون الأمر المُستفسر عنه مُنكرًا، ويظهر هذا الانكار بعد همزة الاستفهام، ومن الأمثلة:
- قول الله تعالى على لسان نوح عليه السلام: “قال يا قوم أرءيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده، فَعُمّيت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون”.
- وقوله تعالى: “وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصنامًا آلهة إني آراك وقومك في ضلال مُبين”.
النفي
يُستخدم الاستفهام للنفي عندما يمكن استبدال أداة الاستفهام بأداة نفي، ومن الأمثلة:
- قوله تعالى: “هل جزاء الإحسان إلّا الإحسان”.
- قوله تعالى: “هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون”.
- قوله تعالى: “هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض”.
التمني
يتمثل التمني في إمكانية استبدال أداة الاستفهام بأداة التمني (ليت) مع الحفاظ على المعنى، مثل:
- قوله تعالى: “فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا”.
التقرير
يهدف التقرير إلى دفع المخاطب للإقرار بمضمون الاستفهام، وقد يكون الاستفهام في هذا السياق مُنافيًا، ومثال ذلك:
- قوله تعالى: “ألم نشرح لك صدرك”.
- قوله تعالى: “ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرًا”.
- قوله تعالى: “أليس في جهنم مثوى الكافرين”.
- قوله تعالى: “هل جزاء الإحسان إلا الإحسان”.
التهكّم والسخرية
يعبر التهكم عن عدم المبالاة بالمُستهزَأ به، حتى لو كان له قيمة كبيرة؛ ومن الأمثلة:
- قوله تعالى: “قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء”.
- قوله تعالى على لسان سيدنا شعيب لقومه: “فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون”.
التعجب
يستخدم الاستفهام للتعبير عن التعجب من أمر ما، ومن الأمثلة:
- قوله تعالى: “كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم”.
- قوله تعالى: “مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين”.
- قوله تعالى: “أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم”.
الاستبعاد
يمثل الاستبعاد اعتقاد الشيء بعيدًا سواء من ناحية الحس أو المعنى، مثل:
- قوله تعالى: “أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين”.
- قوله تعالى: “أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة”.
الحسرة
تعبر الحسرة عن رغبة السائل في إظهار التحسر على أمر مّا، مثل:
- رثاء الخنساء لأخيها صخر:
فيا لهفي عليه ولهف أمي
أيصبح في الضريح وفيه يُمسي؟
التسوية
تستخدم التسوية لإظهار التساوي بين أمرين، ومن الأمثلة:
- قوله تعالى: “سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم”.
- قوله تعالى: “وسواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون”.
نبذة عن أسلوب الاستفهام
يمكن تقسيم الاستفهام إلى فئتين:
- الاستفهام الحقيقي
يقصد به طلب المعرفة حول أمر مّا غير معروف سابقًا ويحتاج إلى إجابة.
- الاستفهام البلاغي
يعني الاستفهام البلاغي أنه لا يتطلب إجابة، إذ تكون المعرفة بالمسألة موجودة لدى السائل، ويشمل مشاعر وأغراض متعددة، منها:
- التشويق
- الإنكار
- النفي
- التمني
- التقرير
- التهكم والسخرية
- التعجب
- المدح
- التعظيم
- الاستبعاد
- الحسرة
- التسوية
كيفية فهم غرض أسلوب الاستفهام
يمكن فهم أغراض الاستفهام من خلال السياق أو الموقف الذي يُقال فيه العبارة. في الأدب، يمكن التعرف على ذلك من خلال الحالة النفسية للأديب والجو العاطفي المسيطر على الحدث. أسلوب الاستفهام يُضفي حيوية على الكلام ويزيد من الإقناع والتأثير، مما يجذب انتباه السامع ويشركه في التفكير، ليصل بدوره إلى الجواب بنفسه دون الحاجة لتوجيهه.