نستهل اليوم حديثنا حول موضوع شعراء الوطن، حيث إن الوطن يعتبر جزءًا لا يتجزأ من قلوبنا، ولا شك في محبتنا له وتقديرنا لقيمته.
فكل فرد يحمل في داخله حبًا عظيمًا لتراب وطنه، الذي نشأ فيه وعاش بين جنباته، فالوطن هو الملاذ الأول، وهو مصدر الأمن والطمأنينة. لقد أعدّنا لكم في هذا المقال مجموعة متميزة من الأبيات الشعرية التي تعبر عن حب الوطن.
تعريف حب الوطن
يمكن تعريف الوطن بأنه المكان الذي يعيش فيه الإنسان منذ ولادته، وهو المساحة الأولى التي بدأ فيها بناء حياته وعاش خلالها وكون ذكرياته. هو الهواء الذي يتنفسه، والحدائق التي لعب فيها، والشوارع التي ترعرع بين جنباتها.
في الوطن، يشاهد الإنسان الطبيعة الخلابة، والسهول الممتدة، والأشجار الغنية، والجبال الشامخة، والأنهار المتدفقة، والربيع الذي يفتح ذراعيه لاستقبال النور. هذه التضاريس تزرع في قلوب المواطنين مشاعر الود والحب والحنين.
ويمكن تشبيه الوطن بالأم الحنونة التي لا تفارق أطفالها، فهو الذي يحتضنهم ويغمرهم بالعناية والأمان. ومن هنا، قد لا يدرك الإنسان قيمة وطنه إلا عندما يبتعد عنه، فيشعر بلهفة وشوق للعودة إليه.
لقد تنافس العديد من الشعراء عبر العصور في التعبير عن حبهم وحنينهم إلى أوطانهم، حيث تغنوا بصفة أو أخرى بحب الوطن، وكتبوا أبياتًا رائعة تُظهر هذا الحب. سنستعرض فيما يلي بعض الأبيات الشعرية التي سُطرت في حب الوطن، والتي أثنت على قيمته وعبّرت عن المشاعر العميقة تجاهه.
التعبير عن حب الوطن
لا يعرف قيمة الوطن إلا من غادر ترابه وتذوق مرارة الغربة. ورغم محاولاتنا للتعبير عن حبنا للوطن، فإن الكلمات قد تعجز عن وصف ما في داخلنا. يحن الكرام إلى أوطانهم مثل حنين الطيور إلى أعشاشها.
فلا يشعر الإنسان بالحرية إلا في وطنه، حيث لا يجد سكنًا وراحة إلا بين أحضانه. وعندما يبتعد الناس عن أوطانهم، يجدون قلوبهم مضطربة، وقد عانوا من قلق وخوف.
لا يمكن للإنسان أن يعيش حريته ويحقق حقوقه الطبيعية إلا داخل حدود وطنه، فهو المكان الآمن الذي يعتني بأفراده. لذا، الوطن ليس مجرد مكان، بل هو معنى عميق وشخصية وهوية، قلب ينبض بالحب.
كما أن للأشجار أماكن ثابتة لا يمكن تغييرها، كذلك لا يمكن للإنسان تغيير وطنه، فهو ثابت لا يتبدل حتى لو كانت هناك كنوز الكون.
الوطن يمثل الأمان في أوقات السكون والسلام، وهو الحصن في أوقات الحروب والأزمات. إنه عالم قائم بحد ذاته يحتوي على كل ما يحتاجه الإنسان.
أبيات شعرية عن الوطن للمتنبي
وطنٌ للغريبِ
وطنٌ ولكنْ للغريبِ
وأمةٌ ملهى الطغاةِ
وملعبُ الأضدادِ
يا أمةً أعيتْ لطولِ جهادِها
أسكونُ موتٍ أم سكونُ
رُقادِ يا موطناً
عاثَ الذئابُ بأرضهِ
عهدي بأنكَ مربضُ الآسادِ
ماذا التمهلُ
في المسير كأننا نمشي على حَسَكٍ
وشَوْكِ قتادِ هل نرتقي يوماً
وملءُ نفوسِنا
وجلُ المسوقِ وذلةُ المنقادِ
هل نرقى يوماً وحشورُ رجالِنا
ضعفُ الشيوخِ وخفةُ الأولادِ
واهاً لآصفادِ الحديدِ
فإِننا من آفةِ التفريقِ في أصفادِ
ولي وطنٌ
ولي وطنٌ
آليتُ ألا أبيعَهُ
وألا أرى غيري له الدهرَ مالكاً
شعر عن الوطن بالفصحى
عهدتُ به شرخَ الشبابِ ونعمةً كنعمةِ قومٍ أصبحُوا في ظلالِكا
وحبَّبَ أوطانَ الرجالِ إِليهمُ مآربُ قضاها الشبابُ
هنالكا إِذا ذَكَروا أوطانهم ذكرَّتهمُ عهودَ الصِّبا
فيها فَحنُّوا لذاكا فقد ألفتهٌ النفسُ حتى كأنهُ لها جسدٌ
إِن بان غودرَ هالكا موطنُ الإِنسانِ أمٌ فإِذا عقَّهُ الإِنسانُ يوماً عقَّ أمَّه
- صباح الفقر يا بلدي
يا صباح الفقر يا بلدي
صباح الدمع والمنفى
يا صباح الجرح لو يحكي سيغرق أرضنا نزفاً
صباح الموت لا تسأل متى أو أين أو كيفا طيور الموت
مرسلة ورأس العبد لا يخفى
وإن الشمس لو تدري لكفت ضوءها
خوفاً من الحكام أن يجدوا كفيفا
يرفع الكفا إلى الرحمن يسأله
ليرسل جنده صفاً على الحكام
قد وعدوا وكل وعودهم سوفا تعالى سيدي الوالي
ونحمده فقد أوفى أذاب الخوف في دمنا
وأسكن روحنا سيفاً أحب الظلم
يا بلدي أيهجره وقد ألفاً
صباح الهم يا بلدي
جراح أصبحت عرفاً يموت الحلم نقبره ونزرع بعده خوفاً
بلادي
بلادي لا يزالُ هواكِ مني
كما كانَ الهوى قبلَ الفِطامِ
أقبلُ منكِ حيثُ رمى الأعادي
رُغاماً طاهراً دونَ الرَّغامِ
وأفدي كُلَّ جلمودٍ فتيتٍ
وهى بقنابلِ القومِ اللئامِ لحى اللّهُ المطامعَ
حيثُ حلتْ فتلكَ أشدُّ آفات السلامِ
موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخراًُ
لهُ فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن لم يبنْ في قومهِ ناصحاً لهم
فما هو إِلا خائنٌ يتسترُ
ومن كانَ في أوطانهِ حامياً لها فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ
وعنبرُ ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ
حمى فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ بلادي هواها
في لساني
بلادي هواها في لساني وفي دمي
يمجدُها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يحبُّ بلادَهُ
ولا في حليفِ الحب إن لم يتيم
ومن تؤوِهِ دارٌ فيجحدُ فضلها يكن حيواناً فوقه كل أعجمِ
ألم ترَ أنَّ الطيرَ إن جاءَ عشهُ فآواهُ في أكنافِهِ يترنم
وليسَ من الأوطانِ من لم يكن لها فداء
وإن أمسى إليهنَّ ينتمي على أنها للناس كالشمس
لم تزلْ تضيءُ لهم طراً
واكتشف العمى ومن يظلمِ الأوطان أو ينسَ حقها تجبه
فنون الحادثات بأظلم ولا خيرَ فيمنْ إن أحبَّ دياره
أقام ليبكي فوقَ ربعٍ مهدم
وقد طويتْ تلك الليالي بأهلها
فمن جهلَ الأيامَ فليتعلم وما يرفع الأوطانَ
إلا رجالها وهل يترقى الناسُ إلا بسلم
ومن يكُ ذا فضلٍ فيبخل بفضله على قومهِ
يستغنَ عنه ويذمم ومن يتقلبْ في النعيم شقيْ بهِ
إذا كان من آخاهُ غيرُ منعم
- هذي البلاد بلادي
أنا حرٌّ هذي البلاد بلادي
أرتجي عزّها لأحيا
وأغنم لست أدعو لثورةٍ أو يزالٍ لست أدعو لعقد جيشٍ منظّم
لست أدعو إلاّ لخير بلادي فهي نوري
إذا دجى البؤس خيّم إنّما الخير في المدارس
يرجى فهي للمجد والمفاخر
سلّم وحّدوها وعمّموا العلم فيها فدواء البلاد
علمٌ معمّم إنّ من يبذل النّقود عظيمٌ
والّذي ينشر المعارف أعظم لا أباهي
بما أنا اليوم فيه نائباً يجبه الخطوب
ويقحم إِذا عظَّمَ البلادَ بنوها
أنزلتهمْ منازلَ الإِجلالِ توَّجتْ مهامَهمْ
كما توجوها بكريمٍ من الثناءِ وغالِ
- ذكرتُ بلادي
ذكرتُ بلادي فاسْتَهَلَّتْ مدامي بشوقي إِلى عهدِ الصِّبا المتقادمِ
حننتُ إِلى أرضٍ بها اخضرَّ شاربي وقطِّع عني قبل عقدِ التمائمِ.
لا تنسى قراءة:
شعر في حب الوطن
- الناسُ حُسَّادُ المكانَ
الناسُ حُسَّادُ المكانَ العالي
يرمونه بدسائسِ الأعمالِ
ولأنْتَ يا وطني العظيم منارةٌ
في راحتيْكَ حضارةُ الأجيالِ
لا ينْتمي لَكَ من يَخونُ ولاءَُ
إنَّ الولاءَ شهادةُ الأبطالِ يا قِبْلةَ التاريخِ
يا بلَدَ الهُدى أقسمتُ أنَّك مضرَبُ الأمثال
- لقيت وطني
وبلا وطني لقيتكَ بعد يأسٍ
كأني قد لقيتُ بك الشبابا وكل مسافرٍ
سيؤوبُ يوماً إِذا رزقَ السلامة والإِيابا
وكلُّ عيشٍ سوف يطوى وإِن طالَ الزمانُ به
وطابا كأن القلبَ بعدَهُمُ غريبٌ
إِذا عادَتْه ذكرى الأهلِ ذابا
ولا يبنيكَ عن خُلُقِ الليالي كمن فقد الأحبةَ والصِّحابا.
خاتمة شعر عن حب الوطن بالفصحى
وفي ختام هذه الكلمات الرائعة، وبينما نستعرض بعض من أجمل عبارات حب الوطن، يبقى الوطن مكانة عظيمة في قلوبنا. فهو الوطن الذي شهدنا فيه مسيرتنا، وهو المكان الذي تعلمنا ونشأنا على أرضه، وهو أرض آبائنا وأجدادنا، وما يُقدم الشخص من أجله يبقى أقل مما يستحق.