عندما نتناول الحديث عن غار حراء، فإننا نتحدث عن مكان يتمتع بمكانة رفيعة وعظيمة في قلوب وعقيدة المسلمين، الذي يسعى العديد منهم لزيارته واستكشافه عندما يتوجهون إلى الأماكن المقدسة في المملكة العربية السعودية.
موقع غار حراء
- إذا كان هناك زائر يرغب في التوجه إلى غار حراء كواحد من أبرز المعالم الإسلامية داخل المملكة العربية السعودية، يتبادر إلى ذهنه السؤال: أين يقع غار حراء؟
- يقع غار حراء في مكة المكرمة، وتحديداً في الجهة الشرقية العليا للمدينة، حيث يتواجد داخل جبل يعرف باسم جبل حراء أو جبل النور، وذلك نسبةً للضوء والروحانية التي تميز هذا المكان.
- يُعرف أيضاً جبل حراء بجبل الإسلام، في حين أن الغار نفسه يوجد في أعلى قمة الجبل الموجهة شمال شرق مكة.
- من المهم الإشارة إلى أن جبل النور يقع ضمن سلسلة من الجبال المتصلة على الجانب الأيسر للمتوجهين إلى منى، ويطل على مساحات شاسعة تضم العديد من الأراضي والجبال.
- مدخل غار حراء يكون من جهة الشمال، حيث يتجه الداخل نحو الكعبة المشرفة. ومن يقف على جبل حراء يستطيع رؤية الكعبة ومكة بكاملها، مع العلم أن الغار لا يتسع لأكثر من خمسة أشخاص في نفس الوقت.
- تبلغ المسافة بين المسجد الحرام وغار حراء حوالي 4 كيلومترات، ويرتفع هذا الجبل بمقدار 643 متراً فوق سطح الأرض.
أسباب اختيار النبي محمد غار حراء للتعبد
- يمتاز غار حراء بخصائص عديدة جعلته المكان المثالي للنبي محمد صلى الله عليه وسلم لتأملاته وعبادته.
- يتميز غار حراء بموقعه البعيد عن الناس، مما يجعله ملاذاً مناسباً للنبي ليقوم بالتفكر والتأمل بسلام دون مقاطعة.
- كما يساعد موقع غار حراء النبي على الجمع بين عبادة الله ومشاهدة البيت الحرام في آن واحد، بفضل إطلالته المباشرة على الكعبة.
- وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها عن عبادة النبي في غار حراء قائلة:
- “كان يخلو بغار حراء، فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينشغل بأهله.”
النبي محمد في غار حراء
- بدأ النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالتوجه إلى غار حراء عندما اقترب من سن الأربعين.
- قبل أن يُبعث نبيًا، لم يكن النبي راضيًا عن عبادة قومه للأصنام، بل كان ذلك يثير نفوره، فعمد إلى الخلوة بعيدًا عنهم.
- هذا الانفصال لم يمنعه من مواجهة صعوبات صعود الجبل والهبوط منه، بل جعله يعود إليه شهريًا، وعلى وجه الخصوص في شهر رمضان.
- كان النبي ينزل من الجبل بين الحين والآخر للاهتمام بأمور أسرته لدرجة أن صعوده أو هبوطه كان يستغرق ساعة كاملة.
- بعد انتهاء فترة بقائه في الغار، كان يحضر إلى الكعبة ليطوف بها سبع مرات قبل أن يعود إلى منزله.
- من المعروف أنه توقف عن زيارة غار حراء بعد بدء الرسالة، باستثناء بعض الأوقات النادرة كي لا يقدمه الناس كمكان للعبادة.
وصف غار حراء
- عند النظر إلى شكل غار حراء، يجب أن نعرف أن الكلمة تشير إلى كهف أو فتحة داخل الجبل تسع لشخصين أو ثلاثة.
- بصفة عامة، يتمتع جبل حراء بشكل فريد، حيث تشبه قمته سنام الجمل.
- يتكون جبل حراء من صخور رسوبية تشمل الأحجار الرملية والجيرية، مما يعزز تماسك الحبيبات داخل الغار.
- تبلغ فتحة الدخول إلى الغار حوالي 4 أذرع في الطول، بينما يتراوح عرضها بين ذراع وذراع ونصف، مما يجعلها مريحة لدخول الأشخاص بمقاسات مختلفة.
- يجدر بالذكر أن الغار من الداخل ضيق، ولا يتسع لأكثر من خمسة أشخاص جالسين، واثنين واقفين.
- لاستعراض الغار من الخارج، نلاحظ قبة ذات شكل ملساء، مع بقايا من الصخور المتكدسة عند المدخل، مع وجود فجوة طويلة تحتاج إلى اجتياز لدخول الغار.
لماذا سمي غار حراء بهذا الاسم؟
لجبل حراء وغاره عدة أسماء، وكل اسم له دلالته التاريخية:
- كان يُعرف قبل البعثة باسم جبل حراء، وهو الاسم المتعارف عليه منذ القدم.
- سمي أيضًا بجبل النور، لأن أول نزول للقرآن كان هناك، حيث اعتبرت المسلمين القرآن نورًا وهدى لهم.
- أطلق عليه أيضًا جبل القرآن نسبةً لنزول الآيات الأولى من سورة العلق (اقرأ) عليه.
- بالإضافة إلى ذلك، أُطلق عليه اسم جبل الإسلام بوصفه نقطة انطلاق ظهور الإسلام وانتشاره.
مكانة غار حراء
يحتل غار حراء مكانة خاصة في نفوس المسلمين حول العالم، ويعكس معاني عظيمة:
- تبدأ أهميته عندما اتخذه النبي ملاذًا خاصًا للابتعاد عن عبادة الأصنام.
- مثل أيضًا مكانًا للتأمل في خالق الكون البديع.
- تبلورت أهميته أكثر بنزول الوحي من سيدنا جبريل عليه السلام، الذي جاء بإيحاء من الله لنبيه في هذا المكان.
- ففي إحدى ليالي القدر، أُنزل الوحي على رسول الله، بقول “اقْرَأْ”
- وراجعه النبي بالقول “ما أنا بقارئ”، ليعيدها جبريل ثلاث مرات، حتى أمره الله أن يقرأ الآيات الأولى من سورة العلق.
- حيث ساهم نزول الوحي في رفع مكانة غار حراء في أعين المسلمين.
أقوال في جبل حراء
ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد مع أصحابه إلى ذروة الجبل، حين قال لهم: “اسكن حراء فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد.” ولم يكن في الغار نبات إلا القليل:
- كما شعر أحد الشعراء، وهو عوض بن الأحوص، بذلك.
فإني والذي حجت قريش *** محارم ومما جمعت حراء.
ألسنا أكرم الثقلين رحُلا *** وأعظمهم ببطن حراء ناراً؟
ميزات موقع غار حراء
يعد غار حراء أحد الأماكن المقدسة في الإسلام وله أهمية خاصة لكونه المكان الذي نزل فيه الوحي الأول على النبي محمد صلى الله عليه وسلم. إليك بعض الخصائص المميزة للغار:
-
الموقع الجغرافي:
- يقع غار حراء في جبل النور، على بعد حوالي 3 كيلومترات شمال شرق مكة المكرمة، ويبعد حوالي 2.5 كيلومتر عن الكعبة.
-
الارتفاع:
- يتواجد الغار على ارتفاع حوالي 640 مترًا فوق مستوى سطح البحر، ويقع على قمة جبل النور الذي يبلغ ارتفاعه نحو 200 متر.
-
الأهمية التاريخية:
- يعتبر غار حراء من الأماكن الأكثر قدسية في الإسلام، حيث شهد نزول أول آيات الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
-
الوصول إلى الغار:
- يستدعي الوصول إلى غار حراء تسلق الجبل، حيث يتطلب الطريق صعود الصخور والدرجات الطبيعية، وقد يستغرق الأمر وقتًا وجهدًا يعتمد على مستوى اللياقة البدنية للزائرين.
-
الحالة الداخلية للغار:
- غار حراء هو كهف صغير يلائم شخصين أو ثلاثة. جدرانه مصنوعة من الصخور الطبيعية ويوفر فتحته الصغيرة رؤية جزئية لمكة المكرمة.