اضطراب الشخصية الحدية
يعتبر اضطراب الشخصية الحدية حالة صحية عقلية تؤثر على كيفية تفكير الشخص، إدارة مشاعره، وسلوكياته، كما تلامس هذه الحالة انطباعه عن نفسه وشعوره تجاه الآخرين. يتجلى ذلك في أدائه وعلاقاته الاجتماعية، مما يؤدي إلى عواقب سلبية في حياته اليومية. عادةً ما يبدأ هذا الاضطراب في مرحلة المراهقة، حيث يزداد تفاقمه في فترة الشباب، ثم تبدأ مرحلة التعافي مع مرور الوقت.
أسباب اضطراب الشخصية الحدية
على الرغم من عدم وجود سبب وحيد وواضح للإصابة باضطراب الشخصية الحدية، إلا أن هناك توافقاً بين العلماء على أن هذا الاضطراب ينتج عن مجموعة من العوامل المتعددة، والتي تتضمن ما يلي:
العوامل البيئية والاجتماعية والثقافية
تشمل هذه العوامل الأحداث الصادمة والمُؤلمة التي قد يتعرض لها الفرد، مثل الإهمال، فقدان أحد الوالدين، أو الاعتداء الجسدي أو الجنسي في فترة الطفولة. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين شهدوا هذه الأحداث يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية الحدية.
الوراثة (تاريخ العائلة)
رغم عدم وجود جين مُحدد يتعلق بشكلٍ مباشر باضطراب الشخصية الحدية، أظهرت الأبحاث أن وجود أفراد من العائلة مثل أحد الوالدين أو الأشقاء يُعانون من هذا الاضطراب يزيد من احتمالية تعرض الآخرين في العائلة للإصابة به.
وظائف الدماغ
في بعض الأحيان، قد يختلف نظام التنظيم العاطفي لدى الفرد عن غيره، مما يشير إلى تغييرات هيكلية ووظيفية في دماغه، خصوصًا في المناطق المرتبطة بالاستجابة العاطفية واتخاذ القرارات. حيث لا تتواصل أجزاء الدماغ المسؤولة عن المشاعر بشكل فعّال، مما قد يُظهر وجود أساس عصبي لبعض الأعراض المرتبطة بالاضطراب.
أعراض اضطراب الشخصية الحدية
لتشخيص اضطراب الشخصية الحدية، ينبغي أن تظهر على الشخص خمسة أعراض على الأقل، ويجب أن تكون تلك الأعراض مستمرة على المدى الطويل:
علاقات غير مستقرة
غالبًا ما تكون العلاقات الاجتماعية لدى المصابين بهذا الاضطراب سريعة ومتقلبة، حيث يميل الأفراد إلى إقامة علاقات عاطفية مكثفة ولكن لفترة وجيزة. قد يبدأ الشخص بعلاقة رومانسية بسرعة، لكن سرعان ما يشعر بخيبة أمل وينهي تلك العلاقة.
صورة ذاتية غير واضحة ومتغيرة
يواجه الأشخاص المصابون صعوبة في تكوين تصور واضح عن هويتهم وما يسعون لتحقيقه في الحياة، مما يجعل شعورهم بذاتهم غير مستقر. قد يشعرون بالرضا أحيانًا، وفي أحيان أخرى قد يكرهون أنفسهم ويشعرون بأنهم ليسوا جديرين.
سلوكيات ضارة ومندفعة
قد تتضمن سلوكيات الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب تصرفات متهورة مثل الإفراط في تناول الطعام، الإنفاق المبالغ فيه، القيادة بشكل متهور، وقد تصل تلك التصرفات إلى السرقة وتعاطي المخدرات، حيث يعتقدون أن تلك الأفعال قد تحسن من مزاجهم.
تقلّبات عاطفية
يعاني الأشخاص المصابون من تقلبات عاطفية شديدة، حيث قد ينتقلون بشكل مفاجئ من حالة فرح وثقة عميقة إلى شعور بالحزن والاكتئاب، ويمكن أن تستمر هذه التقلبات لفترة من الزمن، وقد تحدث في فترات قصيرة أو تمتد لأيام.
الخوف من الهجر
يشعر الأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب برعب من فكرة التخلي عنهم أو تركهم وحدهم، حتى لو كان ذلك لفترة قصيرة. فقد يكون لغياب أحد أفراد العائلة عن المنزل تأثير نفسي كبير على هؤلاء الأفراد، وقد يظهرون سلوكيات مثل التشبث بالآخرين أو الاتصالات المتكررة.
الدافع لإيذاء النفس
قد يفكر المصابون في إيذاء أنفسهم بطرق خطيرة، مثل حرق جلدهم أو جرح أنفسهم، وفي الحالات الشديدة، قد تصل الأمور إلى محاولات الانتحار، خصوصًا في حالات الاكتئاب الحاد.
الغضب الشديد
يعاني الأفراد من نوبات غضب قوية وصعوبة في التحكم في مشاعرهم، وقد يفقدون أعصابهم لأسباب بسيطة أو حتى عابرة.
أعراض إضافية
إضافةً إلى الأعراض السابقة، يمكن أن تظهر بعض الأعراض الأخرى لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الحدية، مثل:
- الشعور بالانفصال عن العالم أو حتى عن جسمه.
- سماع أصوات أو ضوضاء عند الشعور بالتوتر.
- التسرع في الأفعال.
- الشعور بالذنب تجاه الذات.
- الشعور بالفراغ والعزلة.
- الشعور بجنون العظمة.
- شعور بالاكتئاب.