العزة في الإسلام
تنحدر كلمة “العزة” من الجذر اللغوي (عزّ)، والذي يعبر عن الغلبة والقوة والسيطرة والشدة. كما يرمز إلى الندرة بحيث يصبح الشيء نادراً جداً. ومن المفهوم أن العزة قد تعني أيضاً الجمع من الناس، حيث يُطلق على الحكام والملوك لقب “عزيز”، مما يدل على أنهم قد تمكنوا من حكم الناس. ويظهر ذلك في قول الله تعالى: ﴿وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾، أي غلبني في النقاش والحجة.
في سياق الإصطلاح، فإن العزة لله سبحانه وتعالى تشير إلى الغلبة الناتجة عن كمال الظاهر والباطن، وهذه الصفة لا تناسب إلا الله عز وجل. بينما العزة للإنسان تعني تلك الحالة التي تمكنه من التحلي بالقوة والحماية، مما يجعله بعيدًا عن الهزيمة.
أقسام العزة في الإسلام
العزة المحمودة
تتوزع العزة المحمودة إلى عدة أنواع، يتمكن المسلم من الحصول عليها من خلال اعتزازه بالله تعالى وبنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأحكام دينه. وفيما يلي توضيح لهذه الأنواع:
- العزة بالله تعالى: حيث يظهر المسلم اعتماده على الله سبحانه وتعالى، العزيز القوي الذي لا يُهزم، والمهيمن الذي لا يمكن قهرة. فالإيمان القوي بالله يأتي من معرفة أن الله يمتلك جميع صفات الكمال، كما جاء في قوله تعالى: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً﴾. وقد أنكر الله تعالى على من يسعى إلى الحصول على العزة من غيره بقوله: ﴿أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً﴾.
- العزة برسول الله صلى الله عليه وسلم: تتقوى من خلال التمسك بسنة الرسول والالتزام بهديه، حيث يسير ذلك نحو النصر والفلاح في الدنيا والآخرة. ومن يعتمد على غير الله ورسوله الكريم، يُعدّ ذلك من علامات النفاق، كما قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. فنُدرج عزة النبي صلى الله عليه وسلم ضمن عزة الله تعالى.
العزة المذمومة
تتمثل العزة المذمومة في الاعتماد على الباطل والتفاخر به، وتعتبر عزة مجازاً، ولكنها في جوهرها تمثل ذلاً وانكساراً. ومن أبرز أشكال العزة المذمومة:
- العزة بالإثم: حيث قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾. فيشعر الشخص بالتمكين بسبب إقدامه على المعاصي ويظن نفسه قوياً، مما يؤدي إلى إيمانه بالمزيد من الذنوب.
- التكبر على الخلق: ليس هذا من أخلاق الإسلام، حيث جاءت النصوص الشرعية في ذم هذه العزة الزائفة. وقد قال الله تعالى: ﴿فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾.
- الاعتزاز السلبي بالآباء والأجداد: حين يفخر المرء بآبائه فخراً يتجاوز حدود البر، ويصل الأمر إلى تقديسهم. وقد حذر النبي محمد صلى الله عليه وسلم من هذا الأمر، بقوله: (لينتهيَنَّ أقوامٌ يفتخرونَ بِآبائِهِمُ الذينَ ماتُوا، إنما هم فحمُ جهنمَ أو ليكونُنَّ أَهْوَنَ على اللهِ مِنَ الجُعَلِ الذي يُدَهْدِهُ الخِرَاءَ بِأنْفِهِ. إنَّ اللهَ قد أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِيَّةَ الجاهليةِ وفَخْرَها بِالآباءِ. إنما هو مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ أو فَاجِرٌ شَقِيٌّ، الناسُ كلُّهُمْ بَنُو آدمَ وآدَمُ خُلِقَ من تُرَابٍ).