فروع علم البلاغة
يتكون علم البلاغة من ثلاثة فروع أساسية: علم المعاني، علم البيان، وعلم البديع. وفيما يلي توضيح لكل من هذه الفروع.
علم المعاني
علم المعاني هو الفرع الذي يدرس الأساليب التي يستخدمها المتحدث للتعبير عن المعاني المرادة بطريقة فعالة، بما يتناسب مع السياق. يتضمن علم المعاني عدة أقسام، تتضمن:
- الخبر
يشير الخبر إلى الكلام الذي يمكن تصديقه أو تكذيبه، ويعكس الواقع أو عدمه. ويشمل الجمل الاسمية والفعلية، وينقسم إلى ثلاثة أنواع: الخبر الابتدائي، الخبر الطلبي، والخبر الإنكاري.
- الإنشاء
الإنشاء هو الكلام الذي لا يمكن تصديقه أو تكذيبه، وينقسم إلى الإنشاء الطلبي مثل الاستفهام والأمر والنهي، والإنشاء غير الطلبي مثل المدح والذم والقسم والتعجب.
- التقديم والتأخير
قد يطرأ التقديم أو التأخير لأسباب نحوية أو بلاغية، مثل تلبية احتياجات الموصل أو المدخول مثل التشويق.
- الحذف والذكر
تميل اللغة أحيانًا إلى الاختصار من خلال الحذف، حيث تُعتبر البلاغة تكمن في الإيجاز.
- التعريف والتنكير
يمتلك كل من التعريف والتنكير أدوارًا جمالية في الجملة، ويعتقد البلاغيون أن الأصل في الكلام هو المعرفة على عكس ما يعتقده النحويون.
- القصر
يعني القصر تخصيص الموصوف بصفة معينة، ويتضمن أنواعاً مثل القصر الحقيقي والقصر الإضافي، وقصر الصفة وقصر الموصوف.
- الفصل والوصل
يعتبر الفصل أكثر بلاغة من الوصل، حيث يُضفي قوة وجزالة على الأسلوب دون تفتيت المعنى.
علم البيان
علم البيان هو الفرع الذي يتناول الأساليب المختلفة التي يمكن استخدامها للتعبير عن معنى واحد. وينقسم علم البيان إلى عدة أقسام:
- التشبيه
يساعد التشبيه في توضيح المعنى من خلال ربطه بأشياء محسوسة، وله أربعة أركان: المشبه، المشبه به، أداة التشبيه، ووجه الشبه. وينقسم إلى أنواع: المفرد والتمثيلي والضمني.
- المجاز
المجاز هو استخدام الكلمة بمعنى غير معناها الحقيقي. ويشمل المجاز العقلي الذي هو إسناد الفعل إلى غير فاعله الأصلي، والمجاز المرسل الذي يستخدم فيه الكلمة بسبب صلة بين المعنى الأصلي والمعنى المراد.
- الكناية
تستخدم الكناية للإشارة إلى معنى ضمني غير مباشر، أو لفظ يحمل معنيين: أحدهما حقيقي والآخر مجازي.
علم البديع
يسعى علم البديع لتحسين الكلام مع مراعاة السياق ووضوح المعنى دون تعقيد. ينقسم إلى قسمين رئيسيين:
- المحسنات اللفظية
تستهدف تحسين اللفظ، وتشمل: الجناس (تام وناقص)، سجع، ورد العجز على الصدر، والتصريع والترصيع والتقسيم.
- المحسنات المعنوية أو الحسية
تسعى لتحسين المعنى، وتشمل: الطباق (إيجابي وسلبي)، التورية، المقابلة، حسن التعليل، والمشاكلة.
أمثلة توضيحية على علوم البلاغة
- قال تعالى: “وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ.”
تظهر الآية استخدام أسلوب الخبر (اقترب الوعد الحق) والتقديم والتأخير (شاخصةٌ أبصار الذين كفروا).
- قال تعالى: “وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ.”
تحتوي الآية على أسلوب الخبر الإنكاري.
- قال تعالى: “أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ.”
تشمل هذه الآية أسلوب الإنشاء الطلبي (الاستفهام).
- قال تعالى: “قَالُواْ تَالله تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ.”
تتضمن الآية أسلوب الإنشاء غير الطلبي (القسم).
- قال تعالى: “وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ.”
يتضمن الآية كناية عن موصوف وهو السفينة.
- قال تعالى: “وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ.”
توضح الآية مثالاً على التشبيه المفرد المرسل.
- قال تعالى: “أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ، فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ.”
تعكس هاتان الآيتان فن السجع.
- قال تعالى: “الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا.”
تظهر الآية فن الجناس الناقص (يحسبون، يحسنون).
- قال تعالى: “وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ”
تتضمن الآية فن الطباق (إيجاب) بين كلمتي أيقاظًا ورقود.