يسعى العديد من الأفراد إلى فهم المحسنات البديعية في قصيدة “واحَر قلباه”، نظراً لأنها واحدة من أبرز قصائد المتنبي، الذي يشتهر بشعره العميق وحكمته. لذلك، يساهم موقعنا في استكشاف الصور الفنية في قصيدة “واحَر قلباه”.
يمكنك التعرف على المحسنات البديعية في قصيدة “واحَر قلباه”.
المحسنات البديعية في قصيدة “واحَر قلباه”
تتضمن قصيدة “واحَر قلباه” للشاعر الكبير المتنبي العديد من الصور الفنية المتنوعة، وخاصة المحسنات البديعية التي يمكن توضيحها كما يلي:
- الخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني: جناس ناقص بين الخيل والليل.
- وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ: مراعاة نظير بين القرطاس والقلم.
- وجداننا كل شيء بعدكم عدم: طباق بين وجداننا وعدم.
- إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا ** ألا تفارقهم فالراحلون هم: طباق بين ترحلت وتفارقهم.
- وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ: طباق بين يكسب ويصم.
نص قصيدة “واحَر قلباه”
عند استعراض المحسنات البديعية في قصيدة “واحَر قلباه”، نشير إلى أن هذه القصيدة تعد من أهم أعمال المتنبي، حيث نعرض جزءًا منها:
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ ** وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أُكَتِّمُ حُبًّا قَد بَرى جَسَدي ** وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ ** فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَةٌ ** وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ ** وَكانَ أَحسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ ** في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ ** وَاِصطَنَعَت لَكَ المَهابَةُ مالا تَصنَعُ البُهَمُ
أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها ** أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ
أَكُلَّما رُمتَ جَيشاً فَاِنثَنى هَرَباً ** تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ
عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ ** وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا
أَما تَرى ظَفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ ** تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ
يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي ** فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً ** أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ ** إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
سيعلُم الجمعُ ممن ضمَّ مجلسُنا ** بأنني خيرُ من تسعى به قَدَمُ
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي ** وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها ** وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي ** حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إِذا رأيتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً ** فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
شرح قصيدة “واحَر قلباه”
من خلال تحليل المحسنات البديعية في قصيدة “واحَر قلباه”، نجد أن شرح هذه القصيدة يكمن في تنديد الشاعر بحظه بسبب حبه للأمير وقسوة الأمير تجاهه، حيث أدى هذا الحب إلى إضعاف الشاعر جسدياً ونفسياً.
يعبر الشاعر عن دهشته من مشاعره تجاه الأمير، ويبين أن هذا الحب قد أثر سلباً على صحته، على عكس المنافقين الذين يتظاهرون بحبهم للأمير دون صدق.
كما يتمنى الشاعر في حالة التقائه بالأمير، أن يتقاسموا العطاء والاهتمام بحسب مقدار الحب المتبادل، ساعياً وراء الحظ الأفضل.
ينتقد المتنبي الأمير عاتباً إياه، حيث يعتبره عادلاً مع الآخرين لكنه لم يكن كذلك معه، إذ أن النزاع بينهما يجعل الأمير خصماً وحكماً في نفس الوقت، مما يحول دون إنصاف المتنبي.
ثم يطلب الشاعر من الأمير أن يتجنب الفخ الذي تنصبه له المنافقون، مشبهاً إياه بالشخص الذي يحسب المنفوخ قوي البنية.
يُظهر الشاعر أنه إذا لم يكن قادراً على التمييز بين النور والظلام، فلن يُحسن استخدام عينيه، حيث يمثل النور من يحبه بصدق والظلام من يدعي حبه لمصالح شخصية. كما يستخدم الشاعر أسلوب العتاب اللطيف للتعبير عن حبه للأمير.
يختتم الشاعر بفخره بأدبه الذي انتشر في الأرجاء، فالأعمى لو نظر إليه لأصبح بصيراً، وكلماته كانت تخرج من فمه إلى آذان الصم. كما يفخر بشجاعته كمقاتل بارع يعرفه الجميع في المعارك.
في الختام، تدل المحسنات البديعية في قصيدة “واحَر قلباه” على عمق إبداع المتنبي، ويشير بعض النقاد إلى أن هذه القصيدة قد تكون السبب في مقتله، لما تحتويه من دلالات قوية ومؤثرة.