وجهات نظر القدماء حول شكل الأرض
اعتقد القدماء بأن الأرض تتمتع بشكل دائري مسطح، حيث تخيّلوها كجسم مسطح محاط بقبة سماوية كروية. واستمر هذا الاعتقاد مسيطرًا على عقولهم وعقول العلماء حتى تقريبًا نهاية القرن الخامس عشر الميلادي.
فلسفة سقراط حول كروية الأرض
بدأت تتوالى أفكار جديدة بين بعض العلماء والفلاسفة اليونانيين، حيث أظهر الفلكيون أن الأرض ليست مسطحة كما اعتقد الجميع. ومع ذلك، لم تحظَ هذه الآراء بالقبول في تلك الفترة حتى تبنّى الفيلسوف الإغريقي سقراط هذا التصور. فقد استند سقراط إلى ملاحظاته أثناء خسوف القمر، حيث رصد أن الظل الذي تُلقِيه الأرض على القمر يبدو دائريًا، مما يُشير إلى أن شكل الأرض كروي.
استند سقراط في استنتاجه حول كروية الأرض إلى فهمه لطبيعة الشمس والقمر، حيث اعتبرهما أجسامًا سماوية كروية، وبالتالي فإن الأرض – كونها جرمًا سماويًا أيضًا – يجب أن تتمتع بنفس الشكل الكروي.
إسهام إراتوستينس في فهم كروية الأرض
واحد من العلماء الإغريق الذين لاحظوا كروية الأرض هو إراتوستينس، الذي اعتمد في استنتاجاته على الفرق بين ظل قرص الشمس في قاع بئر مملوء بالماء في مدينة أسوان. فقد لاحظ أن الظل هناك بشكل عمودي، بينما كان الظل في بئر آخر بالإسكندرية، الواقعة شمال مصر، مائلًا بزاوية 7 درجات.
استفاد إراتوستينس من هذه الملاحظة لحساب قطر الأرض، مما يعكس كرويتها. وكان معروفًا لدى الإغريق أن الدائرة تتكون من 360 درجة، لذا فإن الفرق بين ميلان الظل في الإسكندرية وأسوان يمثل (1/50) من قطر الأرض. استخدم المسافة بين المدينتين للتحقق من صحة استنتاجاته، حيث كان من المفترض أن تُعادل المسافة النسبة (1/50)، وكان قد أثبت ذلك من خلال حساباته.
آراء العلماء المسلمين حول كروية الأرض
ما من شك أن العلماء المسلمين كان لهم دور بارز في تشكيل الآراء حول كروية الأرض. ومن الأدلة الدالة على ذلك بعض الآيات القرآنية، مثل قوله تعالى: ﴿ وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا﴾، والتي تشير إلى بسط الأرض على هيئة بيضة للإعمار.
وكان إدريسي واحدًا من أبرز العلماء المسلمين الذين اهتموا بدراسة مفهوم كروية الأرض وشكلها، حيث أكد: “… أن الأرض مدورة كدوران الكرة، والماء متصل بها ويركد عليها بصفة طبيعية، والأرض والماء مستقران في جوف الفلك.”
استنتاج كروية الأرض من خلال السفن البحرية
تبين الفلاسفة والعلماء أن الصاري (العمود الرأسي الطويل الذي يدعم الشراع) هو الجزء الذي يُرى أولًا من السفينة عند اقترابها من الميناء. بالنسبة لهم، يُعد هذا الظاهرة دليلاً على تحدب سطح الأرض، مما يُشير إلى كرويتها، فلو كانت الأرض مسطحة، لظهرت السفينة كاملةً للمراقب في الميناء بشكل بسيط ومكتمل.