الرزق
تُعتبر مسألة الرزق من القضايا الجوهرية التي تشغل تفكير العديد من الأفراد، بغض النظر عن معتقداتهم وأصولهم. يتجلى ذلك في مناقشاتهم اليومية وطبيعة انشغالاتهم. وقد أكد الدين الإسلامي على أهمية الرزق، حيث ذكر القرآن الكريم في عدة مواضع أن الله هو الرزاق، كما قال -عز وجل-: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا). وأوصى المولى -سبحانه- عباده بالسير في مناكب الأرض وطلب الرزق الذي قدره لهم، حيث جاء في قوله: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا)، وأيضاً: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ). ولأن البشر frequentemente يشعرون بالقلق تجاه أرزاقهم، فقد طمأن الله -تعالى- عباده بأن أمر الرزق بيده، كما جاء في قوله: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ). يجب على المسلم أن يميز بين الأسباب ومسببها، حيث إن الله -عز وجل- هو الذي قدر الأسباب وسخرها لعباده، في حين أن الوظائف والتجارة وغيرها هي فقط وسائل لتحقيق الرزق الذي قدّره الله -تعالى-. لذا، من المهم أن يعتقد المسلم بأن الله هو الرزاق، وأنه قد وضع أسباباً لتحقيق هذا الرزق، ومن الواجب عليه العمل بالأسباب مع اليقين الكامل بأن الله هو المدبر لسبل الرزق. كذلك، فإن من سنن الله في الرزق أنه جعل بعض الأسباب تؤدي إلى بركة الرزق، بينما تسببت أخرى في ضيقه؛ فما هي الأسباب التي تؤدي إلى ضيق الرزق؟
أسباب الضيق في الرزق
تم تحديد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى ضيق الرزق، وقد نبّه العلماء على أهمية تجنبها. ومن أبرز هذه الأسباب ما يلي:
- الزنا: فقد ذهب بعض العلماء إلى أن ممارسة الزنا تؤدي إلى الفقر والهم وانقطاع الرزق. قال الله تعالى: (وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا).
- قال عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا معشرَ المهاجرين خصالٌ خمسٌ إن ابتُلِيتم بهنَّ ونزلنْ بكم أعوذُ باللهِ أن تُدرِكوهنَّ….) حيث أشار الحديث إلى عدد من الأسباب المؤدية إلى ضيق الرزق، مثل:
- نقص المكيال والميزان.
- إغفال تحكيم شريعة الإسلام في حياة الناس.
- الامتناع عن أداء الزكاة لمستحقيها.
- انتشار الربا: فقد أعلن الله -سبحانه- الحرب على المصرين على أكل الربا، حيث قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا….). كما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا ظهر الزِّنا والرِّبا في قريةٍ فقد أحلُّوا بأنفسِهم عذابَ اللهِ).
- اليمين الفاجرة: وهي التي يُقسم بها الشخص كاذبًا، وغالبًا ما تُستخدم من قبل التجار لجذب الزبائن. وقد حذر النبي -عليه الصلاة والسلام- من عواقب هذه الأيمان الكاذبة، حيث قال: (الحلِفُ مُنفِقَةٌ للسلعةِ، مُمحِقَةٌ للبركةِ).
- الكذب في البيع: فقد تم تحريم الكذب والتدليس في التجارة، ونشدد على أن إخفاء عيوب المنتجات يُضعف البركة، كما روى حديث حكيم بن حزام -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن صَدَقَا وبَيَّنَا بُورِكَ لهما في بَيْعِهِما، وإنْ كَتَمَا وكَذَّبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بيَعْهِمَا).
- احتكار السّلعة: حيث يُعتبر حبس البضاعة عن المحتاجين خطأ جسيم، في حين أن صاحب الاحتكار يجلب لنفسه الإفلاس، كما يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من احتكر على المسلمينَ طعامَهم ضربَه اللهُ بالجُذامِ والإفلاسِ).
أسباب تحصيل البركة في الرزق
على العكس من الأسباب التي تؤدي إلى ضياع الرزق، فقد منح الله -تعالى- عباده العديد من الأسباب التي تُعزز من بركة أرزاقهم. وتشمل هذه الأسباب:
- الاستغفار والتوبة.
- الإنفاق في مجالات الخير.
- الحرص على صلة الأرحام.
- تقوى الله -عز وجل-، والالتزام بمراقبته في الأوامر والنواهي.
- أداء مناسك الحج والعمرة.
- حسن التوكل على الله والاعتماد عليه.
- الاستغراق في عبادة الله والابتعاد عن ملذات الدنيا.
- الإحسان إلى الفقراء والمحتاجين.
- تحكيم شرع الله في حياة المسلم.
- الالتزام بالصلاة وذكر الله وشكره على نعمه.
- التبكير في طلب الرزق.
- الزواج لمن يريد العفاف.
- تحري الصدق في التجارة والبيع.