يُعتبر الصحابي الذي اقترح على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حفر الخندق واحدًا من الشخصيات البارزة في تاريخ الإسلام. وقد قال إيّاه للرسول عليه الصلاة والسلام: “يا رسول الله، كنا في بلاد فارس عندما حوصرنا، فقمنا بحفر خندق حولنا.” وقبل النبي هذه الفكرة، التي كانت غير معروفة لدى العرب في ذلك الوقت. وهذه الاستراتيجية ساهمت بشكل كبير في فشل الأحزاب. في هذا المقال، سنتناول الحديث عن هذا الصحابي الجليل.
الصحابي الذي قدم الاقتراح بحفر الخندق
عندما اجتمعت جيوش الأحزاب بهدف محاربة المسلمين، استدعى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أصحابَه للتشاور حول كيفية حماية المدينة والدفاع عنها. كان الصحابي الكريم سلمان الفارسي رضي الله عنه هو من اقترح فكرة حفر الخندق.
قال سلمان للنبي -صلى الله عليه وسلم-: “كنا في أرض فارس عندما حوصرنا، فقمنا بحفر خندق حولنا.” ووافق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على هذه الخطة، التي كانت جديدة وغير معروفة في ذلك الوقت. وكانت سببًا رئيسيًا في صد الهجمات عن المدينة وفشل الأحزاب.
عملية حفر الخندق
بدأ حفر الخندق في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة، عندما علم النبي -صلى الله عليه وسلم- بحشود الأحزاب من قريش وغيرها من القبائل المتجهة نحو المدينة المنورة، والتي كانت تنوي محاربة المسلمين. استشار النبي أصحابه حول كيفية مواجهة هذه الغزوات، وكانت فكرة سلمان الفارسي هي حفر الخندق.
أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بحفر الخندق من الجهة الشمالية، بحيث لا يتمكن الأحزاب من الدخول إليها. كانت الأوضاع في المدينة المنورة مضطربة، كما ورد في قوله تعالى: “إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون” [الأحزاب: 10-11].
بعد اتخاذ النبي -صلى الله عليه وسلم- قرار حفر الخندق، تم اختيار الموقع الذي يمتد من الحرة الشرقية إلى الحرة الغربية، والتي كانت تعتبر المدخل الرئيسي للعدو. بينما تم تأمين الجوانب الأخرى من المدينة. بدأ المسلمون في حفر الخندق، وشارك النبي معهم في العمل.
بلغ طول الخندق خمسة آلاف ذراع، وعرضه تسعة أذرع، وعمقه ما بين سبعة إلى عشرة أذرع. وكان فريق من عشرة من المسلمين مسؤولًا عن حفر أربعين ذراعًا. عمل المسلمون بسرعة، وقد استغرقت فترة حفر الخندق ما بين ستة وعشرين يومًا، وقيل إنها قد تمت في خمس عشرة ليلة أيضًا.
يُظهر الحديث الشريف التالي مشاركة النبي -صلى الله عليه وسلم- في حفر الخندق: “كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الخندق، وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على أكُتافنا، فقال رسول الله: اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار” [الراوي: سهل بن ساعدي، المحدث: البخاري].
أحداث غزوة الخندق
بعد الانتهاء من حفر الخندق، اقتربت الأحزاب من حدود المدينة في شهر شوال، وبلغ عدد المشركين حوالي 10 آلاف شخص. فوجئوا بالخندق الذي لم يعرفوه من قبل، وكان ذلك بمثابة اختراع جديد في عالم استراتيجية الحرب في ذاك الوقت. بالرغم من أن الأحزاب كانت قد أعدت العدة بشكل كبير، إلا أنهم لم يتوقعوا هذه الخدعة.
فشلت محاولات المشركين لعبور الخندق، حيث بدأ المسلمون في إطلاق السهام لمنعهم. وعندما حاول بعض المشركين الاقتراب، تصدى لهم المسلمون وهزموهم شر هزيمة. واستمرت المعركة حتى قتل الكثير من الأعداء وفرّ الباقون.
نتائج غزوة الخندق
كان المشركون يعتقدون أن كثرتهم ستنقلب لصالحهم في المعركة. فعقدوا العزم على القضاء على المسلمين، لكن انتهت الغزوة بنصر المسلمين. وقد كشفت النتائج عن ضعف نفسية المشركين، ما أثر بشكل كبير على معنوياتهم وأدى إلى شعورهم باليأس. وفي المقابل، زادت ثقة المسلمين في أنفسهم وإيمانهم بدينهم.
في ختام هذا المقال، تناولنا الصحابي الذي اقترح على النبي -صلى الله عليه وسلم- حفر الخندق، وقدمنا تفاصيل عن عملية حفر الخندق ونتائج غزوة الخندق، بالإضافة إلى مشاورات الرسول -صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه.