النفاق يُعتبر نقيض الإيمان، وقد وُجد خلال فترة حياة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أشار النبي إلى صفات المنافقين في أحاديثه الشريفة. في المقال التالي، سنلقي الضوء على نوع النفاق الذي وصفه النبي بخصاله في الحديث الشريف.
نوع النفاق الذي بينه النبي في الحديث الشريف
النفاق الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه هو النفاق الأصغر، حيث ذكر أنواعه بقوله: “أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ.”
في الحديث الشريف، ذكر النبي ملامح نوع من أنواع النفاق، وهو النفاق العملي أو الأصغر، الذي لا يُخرج الشخص من دائرة الإسلام. على الرغم من ذلك، سيُعاقب الشخص الذي يُمارس النفاق العملي في نار جهنم، لكنه لن يخلد فيها. من أبرز الخصال التي تندرج تحت هذا النوع: خيانة الأمانة، كما قال تعالى: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها” [النساء: 2]، بالإضافة إلى الكذب، وعدم الوفاء بالعهود، حيث قال الله: “وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ إِذَا عَٰهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلْأَيْمَٰنَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ ٱللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا” [النحل: 91]، وظهور الفجر في الخصومة.
كما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من مخاطر النفاق وعواقبه في الدنيا والآخرة، وكان الصحابة يخشون من أن يُدنسهم النفاق، كما قال ابن أبي مليكة: “أدركت ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كلهم يخاف النفاق على نفسه.” وقد ورد عن الحسن أنه قال: “ما خافه إلا مؤمن، ولا أمنه إلا منافق”.
النفاق الأكبر
يمكن تصنيف النفاق إلى نوعين: النفاق الأصغر والنفاق الأكبر. يُعرّف النفاق الأكبر بأنه تظاهر الشخص بالتدين بينما في باطنه يُعتبر كاذبًا، فلا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ومع ذلك يقوم بأداء الصلوات أمام الآخرين ويتحدث في ذكر الله، كما فعَل المنافقون في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم. يُعتبر هذا النوع من الكفر أكبر وأخطر.
قال الله مُشيرًا لعقوبتهم: “إنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ” [النساء: 145].
سمات المنافقين في النفاق الأكبر
يتصف المنافقون بالنفاق الأكبر بمجموعة من الصفات، منها:
- تكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم في الباطن مع الإقرار في الظاهر، لقوله تعالى: “إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ” [المنافقون: 1].
- محاولة خداع المؤمنين بادعاء الإيمان، كما قال تعالى: “وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّـهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ* يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ” [البقرة: 8-9].
- الاستهزاء بالإيمان والموحدين، والسخرية من ما أنزل الله، كما جاء في قوله: “يَحذَرُ المُنافِقونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيهِم سورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِما في قُلوبِهِم قُلِ استَهزِئوا إِنَّ اللَّـهَ مُخرِجٌ ما تَحذَرونَ* وَلَئِن سَأَلتَهُم لَيَقولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخوضُ وَنَلعَبُ قُل أَبِاللَّـهِ وَآياتِهِ وَرَسولِهِ كُنتُم تَستَهزِئونَ” [التوبة: 64-65].
- الابتعاد عن ذكر الله.
- الفرح في هزيمة المسلمين، والحزن عند انتصاراتهم.
- التذبذب بين صفوف المؤمنين والكافرين، كما ورد في قوله: “مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَـؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَـؤُلَاءِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّـهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيل” [النساء: 143].
الفروق بين النفاق الأصغر والنفاق الأكبر
توجد فروقات واضحة بين النفاق الأصغر والنفاق الأكبر، ومن بين هذه الفروق:
- النفاق الأكبر يؤدي إلى خروج الشخص من ملة الإسلام، بينما لا يُخرج النفاق الأصغر صاحبه من الملة لكنه يُعاقب في النار.
- النفاق الأكبر يبطل جميع الأعمال، بينما النفاق الأصغر يتعلق بفجوة بين السر والعلانية في الأفعال.
- النفاق الأكبر يُخلد الشخص في النار إذا لم يتب قبل وفاته، في حين يمكن أن يصدر النفاق الأصغر عن مؤمن بالله.
لقد قمنا في هذا المقال بعرض نوع النفاق الذي أوضحه النبي بخصاله في الحديث الشريف، وهو النفاق الأصغر أو ما يُعرف بنفاق العمل، الذي لا يُخرج صاحبه من الملة، لكنه يعاني من العقاب في نار جهنم دون أن يخلد فيها.