يُعتبر صيام رمضان من الأركان الأساسية في الإسلام، التي يلتزم بها المسلمون في جميع أنحاء العالم. وقد يتساءل البعض عن سبب صيام رمضان لمدة 30 يومًا، وذلك بهدف التعرف على أحكام الصيام. في موقعنا، سنستعرض كيف بدأ الصيام وأسباب صيام أيام رمضان.
البدايات التاريخية للصيام
قد يهم القارئ أيضًا معرفة كيفية بدء الصيام في الأمم السابقة. فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ).
يعتبر آدم عليه السلام أول شخص في التاريخ البشري، حيث كان يصوم الأيام البيض من كل شهر، وهي الأيام التي يكمل فيها القمر بدراً، أي في منتصف الشهر. كما صام النبي نوح عليه السلام بعد استقرار الفلك، وكان هناك أقوام آخرون في تلك الفترة يمارسون الصيام.
مع مرور الزمن، ظهرت نصوص دينية في التوراة والإنجيل تصف طرق صيام اليهود والمسيحيين. كان النبي موسى عليه السلام يصوم لمدة أربعين يومًا، حيث كان اليهود يمارسون الصيام كتعبير عن التوبة من الذنوب.
كما صام المسيح عليه السلام أربعين يومًا، وكان الحواريون يصومون معه. وقد أشار الله في سورة مريم إلى أن السيدة مريم عليها السلام نذرت الصيام، حيث قال تعالى: (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيّاً).
سبب صيام رمضان لمدة 30 يومًا
بعد استعراض تاريخ الصيام في السابقين، نجد أن الله فرض صيام رمضان على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة، وذلك عقب تحويل القبلة إلى الكعبة. لنلقي نظرة مختصرة على مراحل فرض الصيام في الإسلام:
- كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أول من صام في الإسلام، حيث ابتدأ بالصيام في يوم عاشوراء ووافقه في ذلك الأيام البيض الثلاثة. ثم أُسند فرض صيام رمضان ليصبح الصيام السابق من السنن.
- في المرحلة التالية، كان الصيام في رمضان يعتبر أيامًا معدودة ومستحبًا، وسمح بخيار التصدق بدلاً من الصيام كما أوضح الله في قوله تعالى: (أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ).
- ثم جاءت المرحلة النهائية بفرض صيام رمضان بشكل كامل، مع وجوب قضاء الأيام المفقودة عند الإفطار كما ورد في قوله تعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّـهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
أخلاق الصائم في شهر رمضان
من الأمور الأساسية التي ينبغي مراعاتها خلال شهر رمضان، أو في أي وقت يمارس فيه المسلم الصيام، هي الالتزام بالأخلاقيات المطلوبة. فالصيام يتطلب الامتناع عن جميع المفطرات البدنية، بالإضافة إلى تجنب المفطرات المعنوية ومكروهات الصيام بقدر الإمكان.
تعتبر معاملة الآخرين بالحسنى من أهم أخلاقيات الصيام. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل اللهم إني صائم)، وذلك لحماية المسلم من نقصان أجر صيامه وثوابه.
ويستحب استغلال الوقت أثناء الصيام في أعمال مفيدة، حيث تعتبر العبادة والأعمال الصالحة من أفضل الصور للاشتغال، إذ تقرب العبد إلى الله وتزيد من رضاه ومغفرته.
إن الهدف من الصيام في الإسلام هو تفادي المفطرات البدنية مثل الأكل والشرب والجماع، والتي تبطل الصيام وتستوجب الفدية. كما تشمل الصيام أيضًا تجنب المفطرات المعنوية مثل الغيبة والنميمة، وذلك حفاظًا على أجر الصوم.
يهدف الإسلام إلى تعليم المسلم كيفية تهذيب النفس ومجاهدتها، حيث أن الصيام يتجاوز مفهوم الامتناع عن الطعام والشراب. إذ إن صيام رمضان يرتبط بتعليم فضيلة الصبر وتحمل الصعوبات، مما يعزز الإيمان بالله عز وجل.
ومما لا شك فيه أن الصيام يساهم في تهذيب الفرد وتقويم سلوكياته. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، مما يجعل الصيام وسيلة للوقاية من الوقوع في الشهوات المحرمة.
من خلال فهم كيفية بدء الصيام، ندرك عمق وأهمية هذه العبادة، التي امتدت من زمن آدم عليه السلام، أول إنسان على الأرض. كما تعرفنا على أسباب صيام رمضان ولمدة 30 يومًا عبر توضيح مراحل فرض الصيام في الإسلام، إضافة إلى استعراض الأخلاقيات والغايات من هذه العبادة.