ابن يونس المصري هو أحد العلماء البارزين في علم الفلك، حيث جاء في كتاب الله تعالى “وبالنجم هم يهتدون”. إنه حقًا لخالق عظيم أن جعل في كونه دليلًا للخلق نحو المعرفة والعلم، مما أفرز شخصيات نالت شهرة في إمداد البشرية بعلمها. ويندرج ابن يونس المصري ضمن هؤلاء العلماء الذين كان لهم تأثير عميق في علم الفلك.
ابن يونس المصري
هو أبو الحسن علي بن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري، المعروف بلقب “الصديفي” نسبةً لقبيلة الصدف التي تعود جذورها إلى حمير في اليمن، أو ربما بسبب قرية صدفا في صعيد مصر. ويعتقد البعض أن اللقب يتعلق بمهنة جده في تزيين الأثاث باستخدام الصدف. وُلِد في مصر عام 342 هجرية (950 ميلادية).
نشأة ابن يونس وتعليمه
- ينتمي ابن يونس إلى عائلة مرموقة، فوالده كان عالماً في الحديث والفقه، ومؤرخاً كتب تاريخ ابن يونس. كما أن جده كان فقيهًا من أتباع الإمام الشافعي.
- بفضل براعته وموهبته في علم الرياضيات والفلك، حظي ابن يونس برعاية الخليفة العبيدي الفاطمي العزيز بالله الذي وفر له كافة الإمكانيات اللازمة للبحث العلمي، بما في ذلك الأدوات الضرورية لمتابعة أبحاثه في الفلك والرياضيات.
- عندما تولى ولده الحاكم بأمر الله، قام بإنشاء مرصد خاص له على جبل المقطم بالقرب من مدينة الفسطاط، مزوداً بكافة المعدات اللازمة.
اختراع بندول الساعة لابن يونس
يُعتبر ابن يونس هو مخترع بندول الساعة قبل قرن من الزمان من جاليليو، حيث قامت العلماء باستخدامه لحساب الفترات الزمنية أثناء الرصد وقياس الزمن بدقة أكبر من الساعات المتوفرة في ذلك العصر. وقد تم استخدام هذا الاختراع لاحقًا في الساعات الدقيقة. يُعتبر ابن يونس من أبرز العلماء ممن قدموا إسهامات قيمة في حل المسائل الفلكية المعقدة.
إنجازات ابن يونس في علم الرياضيات والمثلثات
أظهر ابن يونس المصري تميزاً في مجالات الرياضيات والمثلثات، وقدّم أبحاثًا هامة فيها. وكان من السابقين في وضع قوانين هندسية للمثلثات الكروية، حيث استخدم التقنيات المعقدة لحل العديد من المسائل الرياضية الصعبة من خلال إسقاط الكرة السماوية على كل من المستوى الأفقي ومستوى الزوال.
استطاع أيضاً أن يؤسس أبحاثًا حول علم اللوغاريتمات، حيث ساعدت قوانينه في تحويل عمليات الضرب المرتبطة بحساب المثلثات إلى عمليات جمع، مما سهّل الكثير من العمليات الرياضية المعقدة. وقد استفاد العالم الفرنسي لابلاس من أبحاثه في دراساته، مما يدل على تأثير ابن يونس في علم الرياضيات وحساب المثلثات.
علم الزيج وجهود ابن يونس فيه
- الزيج هو مصطلح فارسي يعني “الجداول الفلكية” التي تدرس حركة الكواكب. يُختص بهذا العلم معرفة موقع كل كوكب بالنسبة إلى مداره وإلى بروج السماء.
- يشمل ذلك أيضاً دراسة انتقالاتها واستقامتها ومواعيد شروقها وغروبها، بالإضافة إلى استخراج تقويم السنة واتجاه القبلة وأوقات الصلاة.
- كتب ابن يونس كتابًا بعنوان “الزيج الحاكمي” الذي يتضمن أبحاثه في هذا المجال. وقد أُطلق عليه اسم الحاكمي تقديراً لرعاية الحاكم بأمر الله له، وكان لكتابه تأثير كبير على من تبعوه في هذا العلم.
- ترجم الكتاب إلى العديد من اللغات، ولكن تم تقسيمه إلى أجزاء متفرقة في المكتبات حول العالم، ويُقال إنه كان مؤلفًا في ثمانية أجزاء اعتمدتها مصر في حساباتها الفلكية.
فلسفة ابن يونس العلمية
كان ابن يونس يؤمن بأن العلوم يجب أن تستند إلى ما يُقنع العقل، وأن الكون يُعد مصدرًا للإلهام للإجابة عن الحقائق، مُعززاً دراسته بالإيمان بآيات الخالق جل جلاله.
مؤلفات ابن يونس المصري
- كتاب الزيج الحاكمي عن علم الزيج وحركة الكواكب.
- كتاب بلوغ الأمنية عن طلوع الشعرى اليمانية.
- كتاب الظل حول الظل وحركة الشمس.
- كتاب غاية الانتفاع يحتوي على جدول لمواقع الشمس ومواقيت الصلاة.
- كتاب الميل يحتوي على جدول حركة الشمس وانحرافاتها.
- كتاب التعديل المحكم عن معادلات الكسوف والخسوف.
- كتاب البندول الذي يتحدث عن اختراع البندول.
- كتاب تاريخ أعيان مصر.
- كتاب العقود والسعود في أوصاف العود وكان ذا توجه موسيقي.
- تقديرًا لجهوده، تم تسمية إحدى المناطق غير المرئية على سطح القمر باسم هذا العالم الجليل.