ابن زيدون وولادة
- من خلال قصة ابن زيدون وولادة، يتضح أن ابن زيدون كان له شغف كبير بالشعر حيث برع فيه لاحقًا. وقد التقى بفتاة جميلة تدعى ولادة في إحدى مجالس قرطبة.
- كان والد ولادة من الخلفاء الذين يكثرون من الاهتمام بالنساء والمال، بينما كانت والدتها جارية قامت بإغواء والدها واستقطابه.
- تلقى والد ولادة اهتمامًا كبيرًا بها إذ عمد إلى تعليمها وتنميتها ثقافيًا، مما مكّنها من اتقان الشعر والعزف على الآلات الموسيقية. وقد كانت شخصيتها غير مستقرة بعض الشيء بسبب حبها للتسلية والمغامرات.
- في يوم من الأيام، جذبت ولادة انتباه ابن زيدون، وعندما اجتمعا معًا، بدأ كليهما يقع في شباك الحب. وأرسلت له ولادة قصيدة تعبر فيها عن مشاعرها:
ترقّب إذا جنّ الظلام زيارتي.
فإنّي رأيت الليلَ أكتمَ سرًّا.
وبي منكَ ما لو كان بالبدر ما بدا.
وبالليل ما أدجى وبالنجم لم يسر.
ثم التقيا ليلاً وتحدثا عن حبهما، وعندما جاء وقت الرحيل، قال لها:
ودَّعَ الصَبرَ محِبٌّ وَدَّعَك.
ذائِعٌ مِن سِرِّهِ ما استَودَعَك.
يَقرَع السِنَّ عَلى أَن لَم يَكن.
زادَ في تِلكَ الخطا إِذ شَيَّعَك.
يا أَخا البَدرِ سَناءً وسنا.
حَفِظَ الله زَمانًا أَطلَعَك.
إِن يَطل بَعدَكَ لَيلي فَلَكَم.
بِت أَشكو قِصَرَ اللَيلِ مَعَك.
- كان حبهم مشحوناً بالعواطف الجريئة، ولم يكن عفيفًا، حيث استمرت لقاءاتهم في تبادل الخمر والحب في الأماكن التي اجتمعت فيها قلوبهم.
ولا تنسَ قراءة مقالنا عن:
تأزم العلاقة بين ولادة وابن زيدون
- لم تسير العلاقة بين ابن زيدون وولادة على ما يرام، حيث اضطر ابن زيدون للرحيل عن ولادة، وتبادلا الشعر حيث أرسلت له:
ألا هل لنا من بعد هذا التفرقِ.
سبيلٌ فيشكو كل صبٍّ بما لقي.
وقد كنت أوقات التزاور في الشّتا.
أبيت على جمرٍ من الشّوق محرقِ.
وردّ عليها ابن زيدون قائلًا:
لحا الله يومًا لست فيه بملتقٍ.
محيّاكِ من أجل النوّى والتفرقِ.
وكيف يطيب العيش دون مسرّةٍ.
وأيّ سرورٍ للكئيب المؤرقِ.
- ومع مرور الوقت، تكررت قصص الحب، ولكنها لم تستمر طويلًا بسبب تغيّر ولادة تجاه ابن زيدون، نتيجة شعورها بالغيرة حين اعتقدت أنه يغازل المغنية. وقد أثار ذلك غيرة ولادة، مما جعلها تتركه. وقالت:
- لَو كنت تنصف في الهوى ما بيننا.
- لم تهوَ جاريتي ولم تتخيّرِ.
- وَتركتَ غصنًا مثمرًا بجماله.
- وجنحتَ للغصنِ الذي لم يثمرِ.
- ولقد علمت بأنّني بدر السما.
- لَكن دهيت لشقوتي بالمشتري.
- أشيع أيضًا أن ولادة افترقت عنه بعد أن انتقد ابن زيدون إحدى قصائدها، حيث اعتبرها تتهمه بدلاً من الانطلاق بمديح له، وهذا ما جعله ينتقد شعرها بشكل قاسٍ، مما أدى إلى نفورها منه وبذلك انتهت علاقتهما.
ولا تفوتك قراءة مقالنا عن:
محاكمة ابن زيدون وهروبه من السجن
- رغم ذلك، لم يستسلم ابن زيدون؛ إذ استمر في إرسال الرسائل إلى حبيبته آملاً في العودة إليها، بينما بدأت ولادة تعبر عن إعجابها بأحد الوزراء المدعو أبي عامر ابن عبدوس. لم ترد ولادة على أي رسالة من ابن زيدون، مما دفعه لإرسال تهديدات لأبي عامر حيث قال له:
أَثَرتَ هِزَبرَ الشَرى إِذ رَبَضْ وَنَبَّهتَه.
إِذ هَدا فَاغتَمَضْ.
وَما زِلتَ تَبسط مستَرسِلًا.
إِلَيهِ يَدَ البَغيَ لَمّا انقَبَضْ.
حَذارِ حَذارِ فَإِنَّ الكَريمَ.
إِذا سيمَ خَسفًا أَبى فَاِمتَعَضْ.
فَإِنَّ سكونَ الشجاعِ النَهو.
سِ لَيسَ بِمانِعِهِ أَن يَعَضْ.
- استمر في إرسال التهديدات إلى أن بدأ بإرسال رسائل هزلية منسوبة لولادة مما أغضبها بشدة. وفي الموازاة، تم اتهامه بالمشاركة في مؤامرة ضد الخليفة، لكن الحكم الصادر بحقه كان بسبب انتزاعه لعقار يُعزى بعد وفاة المُعطى الأمر. وقد تم الحكم عليه بالسجن.
- ثم اتخذت محكمة أندلسية حكمًا صارمًا عليه حيث كان القاضي بينه وبينه عداوة سابقة، وبالتالي تم الحكم عليه بالحبس.
- بدأ ابن زيدون بعد ذلك في كتابة الأشعار محاولاً إثبات براءته، لكن مفهومه لم يجده آذانًا صاغية من ابن جهور، مما جعله يفكر في الهرب، وبالفعل استطاع القيام بذلك.
نهاية العلاقة بين ولادة وابن زيدون
- تستمر قصة ابن زيدون وولادة، حيث اتجه بعد هروبه إلى المعتضد بن عباد في إشبيلية، وحصل من الأخير على منصب وزير. بعد وفاة المعتضد، واكب ابن زيدون ابنه منصب وزير.
- لم ينتقل ابن زيدون إلى مكان آخر، وتوفي في إشبيلية، بينما استمرت مشاعره تجاه ولادة، حيث استمر في كتابة الشعر الذي يتحدث عنها، مثل هذه الأبيات:
أَضحى التَنائي بَديلًا مِن تَدانينا.
وَنابَ عَن طيبِ لقيانا تَجافينا.
فَاِنحَلَّ ما كانَ مَعقودًا بِأَنفسِنا.
وَاِنبَتَّ ما كانَ مَوصولًا بِأَيدينا.
وَقَد نَكون وَما يخشى تَفَرقنا.
فَاليَومَ نَحن وَما يرجى تَلاقينا.
نتم وَبِنّا فَما اِبتَلّت جَوانِحنا.
شَوقًا إِلَيكم وَلا جَفَّت مَآقينا.
نَكاد حينَ تناجيكم ضَمائِرنا.
يَقضي عَلَينا الأَسى لَولا تَأَسّينا.