يكتسب بناء الأمن الفكري أهمية مماثلة لبناء الأمن في الجوانب النفسية والمالية، فكما يوجد لصوص للأموال والمنازل، كذلك هناك من يسعى لسرقة العقول.
تعتبر سرقة العقول من أخطر التحديات، مما يتطلب منا العمل على حماية أفكار الأفراد من أي انحراف، وتعليمهم التفكير بطريقة معتدلة ومتعقلة تساعدهم على فهم الكون من منظور سليم.
أهمية بناء الأمن الفكري
تتجلى أهمية بناء الأمن الفكري من خلال النقاط التالية:
- توعية الشباب وحمايتهم من الأزمات الفكرية التي وقع فيها آخرون، وذلك من خلال التوجيه المدروس من قبل المؤسسات الدينية والاجتماعية في المجتمع.
- تساهم هذه المؤسسات بشكل كبير في الحفاظ على السلم الاجتماعي ومنع ارتكاب الأفعال الخاطئة.
- تعتبر المدارس والمعاهد الدينية والنوادٍ الثقافية والرياضية من بين أهم هذه المؤسسات.
- تؤدي هذه المؤسسات دورًا وقائيًا فعالًا في مواجهة الأفكار السيئة، حيث تقدم برامج إرشادية وتعليمية مهمة.
- كما تعمل على توجيه وقت الشباب نحو الأنشطة المفيدة التي تعود بالنفع على الأفراد والمجتمع ككل.
- لضمان الفعالية، يتوجب على مسؤولي المؤسسات أن يمتلكوا خبرة كافية لمواجهة الأفكار غير المرغوب فيها وأداء مهامهم بكفاءة.
- يرتبط الأمن الفكري بحماية الدين، وهو أحد الضرورات الخمس الموصى بها في الشريعة الإسلامية.
- الإسلام هو دين شامل للجميع، كما ورد في قوله تعالى: “إن الدين عند الله الإسلام”.
القرآن الكريم والأمن الفكري
لقد لعب القرآن الكريم دورًا مهمًا في تعزيز الفكر وترسيخ أسس الأمن الفكري من خلال المميزات التالية:
- يتناول القرآن الكريم قضية الأمن الفكري ويبرز تأثيره العميق على العقل البشري.
- يشير في سورة الأنعام إلى أهمية الأمن الفكري الذي ينبع من إيمان قوي وعقيدة راسخة في القلب والعقل.
- كما يظهر جليًا في حديث النبي إبراهيم عليه السلام، حيث يلقي الضوء على الشعور بالأمن الفكري والفهم السليم.
- قال الله تعالى: “قال أتحاجوني في الله وقد هدان”، مما يعكس كيف وصل إلى الهداية الصحيحة.
- يسهم القرآن في تنقية العقل من الخرافات والسحر والأوهام، ليجنب الإنسان أن تفكر هذه الأمور في عقله.
- يوجه القرآن كل إنسان بأن يتبع عقله للوصول إلى الإيمان بالخالق والتمسك بعقيدته، حيث يقول عز وجل: “وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم”.
- ندد بـخضوع الأفراد لآراء الآخرين دون التفكير النقدي، لتحسين التفكير وجعله معتدلا.
- كما ورد في قوله تعالى “قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون”.
- القرآن يحث على التخلص من الأفكار المبنية على الظنون، حيث قال: “وأن الظن لا يغني من الحق شيئا”.
- كما حذر من اتباع الأهواء، لأنه يعوق الفهم الحقيقي، كما جاء في قوله: “ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض”.
الفكر ومصادره
فيما يلي أبرز ما يتعلق بالفكر ومصادره:
- الفكر هو وسيلة لنقل الواقع بواسطة الحواس إلى داخله، ويتطلب وجود معلومات سابقة متكاملة تحمل ميزات مشتركة.
- ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم حديث يقول: “ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”.
مصادر تهدد الأمن الفكري
تتعدد المصادر التي تهدد الأمن الفكري كما يلي:
- توجد مجموعات متطرفة تتمتع بأفكار متشددة للغاية، وتعتبر تهديدًا كبيرًا.
- هناك أيضًا مجموعات تسعى لتفرقة المجتمع وإثارة الفتنة، مع تركيز خاص على الشباب.
- من بين هذه المصادر، تبرز العولمة والانفتاح الثقافي الكبير على ثقافات قد تتعارض مع القيم المحلية، خاصة إذا لم يتم تأهيل الشباب ثقافيًا.
- لذا يتطلب الوضع وجود رقابة أمنية وقوانين صارمة للحد من الأفكار المتطرفة.
- ينبغي استهداف فئة الشباب بوسائل الإعلام المتنوعة والمؤسسات الاجتماعية.
- يجب تعزيز نشر المبادئ الفكرية الصحيحة والقيم الأخلاقية لضمان تشكيل فكر سليم لدى الشباب.
تعزيز الأمن الفكري لدى الشباب عبر الإعلام
يعتبر الإعلام من الأدوات الفعالة في تعزيز الأمن الفكري لما له من وظائف متعددة، كما يوضح:
- يساعد الإعلام الشباب على التكيف مع العصر الحالي كونه جزءًا أساسيًا في حياتهم.
- يعمل الإعلام على توجيه معتقدات الشباب وإعانتهم في اتخاذ قرارات مهمة، فهو بمثابة المحرك الأساسي في زمن ثورة المعلومات.
- إن الإعلام يغرس القيم الرفيعة في نفوس الشباب، وأحدها هو تعزيز الأمن الفكري.
- يتوقف تقدم المجتمعات على قوة الإعلام الفكري، فهو يساهم في خلق بيئة مستقرة وآمنة.
- لكن يجب الانتباه أن البث الفضائي قد يحمل تأثيرات سلبية مثل تشجيع العنف ونشر الأفكار المتعارضة مع المجتمعات.