عُمر بن عبد العزيز يُعتبر خامس الخلفاء الراشدين، وأحد أبرز القادة في التاريخ الإسلامي. لقد أحرز مكانة فريدة لم يسبق لأحد أن نالها قبله، كما أنه لم يُنزع منه تلك المكانة فيما بعد.
إذا كانت الحديث عن الصفات الحميدة، فإن عُمر بن عبد العزيز يمثل شخصية تاريخية رفيعة المستوى. في هذا المقال، سنستعرض جوانب من حياته ومكان ولادته.
مكان ولادة عمر بن عبد العزيز
- وُلِد الخليفة الأموي عُمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة عام 61 هـ، وهو التاريخ الذي اتفق عليه معظم المؤرخين رغم وجود تباينات في تواريخ ميلاده.
- اسمه الكامل هو عُمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد الشمس بن عبد مناف، ويُكنى بأبي حفص الأشج القرشي، وهو معروف بلقب أمير المؤمنين.
- أما والدته فهي أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
- نشأ في المدينة المنورة، وكان محبًا للعلم منذ صغره، حيث أقبل على حفظ القرآن الكريم وشغف بطلب العلم وحرص على حضور مجالس العلماء.
- بفضل شغفه للمعرفة، قام بجمع القرآن الكريم رغم صغره في السن، ولعل جمال روحه وصفاء نفسه ساهم في قدرته على الحفظ والاستيعاب.
- عاصر عُمر مجموعة من الصحابة الكرام مثل السائب بن يزيد وسهل بن سعد وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، مما ساهم في نشأته في بيئة تفيض بالتقوى والصلاح.
- وقد كان المجتمع آنذاك يتمتع بالإيمان والتقوى، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في تكوين شخصية عُمر بن عبد العزيز.
نبذة عن عمر بن عبد العزيز
- تلعب البيئة الاجتماعية دورًا محوريًا في تشكيل الشخصيات، وقد نشأ عُمر بن عبد العزيز في بيئة تُعلي من قيمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مما يمكن تخيله في تأثيره على المجتمع.
- تأثرت نشأته في المدينة بشكل كبير في تشكيل شخصيته، لما لها من دلالات إيمانية وروحية عميقة.
- تولى تربيته صالح بن كيسان الذي كان يعتبر معلمًا ممتازًا له، حيث كان دائمًا يُشجعه على الصلاة في المسجد.
- وعندما سُئل صالح بن كيسان عن عُمر، أجاب بأنه لم يرَ في صدر أحد تصديق الله أكبر من هذا الشاب.
- تأدب عُمر على يد العديد من الشيوخ، من بينهم سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر، لكن كان أكثرهم قربًا منه الشيخ عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.
خصائص عمر بن عبد العزيز
- تتميز شخصية عُمر بن عبد العزيز بالذكاء والفطنة والشخصية القوية.
- كان حازمًا في إدارة شؤون الحكم، عابدًا وزاهدًا في متاع الدنيا، لا يطمح إلا لما عند الله.
- امتاز بحكمته وعدله حيث كان يُعرف بالعدل والإنصاف، وكان واسع المعرفة بالشؤون الدينية وأحكام الكتاب والسنة.
- كرس حياته للعمل والاهتمام بمصالح الرعية، ولم يعرف للراحة معنى.
- عُرفت سمعته تجاوز حدود القارات، حيث عُرف عنه أنه لو كان هناك من يُحيي الموتى بعد النبي عيسى عليه السلام، لاعتُبر عُمر بن عبد العزيز أحدهم.
- يُعتبر الحاكم الوحيد الذي تمكن من القضاء على الفقر، حيث لم يتمكن أحد من العثور على فقير واحد في عهده.
- تولى مسؤولية الأمة الإسلامية بأكملها، وعُرفت فترة حكمه بالعدل والإنصاف في جميع أرجاء الدولة.
- حكمه كان تجسيدًا لأوامر الله وما تفيد به القرآن والسنة، حيث كان يسعى لتطبيق شرع الله.
يمكنكم الاطلاع على التفاصيل التالية:
وفاة عمر بن عبد العزيز
- عانى عُمر بن عبد العزيز من مرض دام حوالي 20 يومًا قبل وفاته.
- تعددت الروايات حول سبب وفاته، حيث زعم البعض أن مرضه ناتج عن إهماله صحة جسده، بينما اعتبر آخرون أنه كان ضحية مؤامرة من بني أمية.
- لكن لا تتوفر أدلة قاطعة لدعم أي من هذه الروايات، لذا تبقى مجرد أقوال لا يمكن إثباتها أو نفيها.
- توفي عُمر بن عبد العزيز في عام 101 هـ عن عمر يناهز الأربعين عامًا، بعد أن قاد الخلافة لمدة تقارب السنتين وخمسة أشهر.
- وكان يُعتبر خامس الخلفاء الراشدين، وتولى ابن عمه الخلافة بعده.
- وصفه البعض عند وفاته بأنه “خير الناس”، و”العابد الورع”، و”الحاكم العادل”، فقد حقق إنجازات عظيمة في فترة قصيرة لم تتجاوز الثلاث سنوات، رحم الله عُمر بن عبد العزيز.
إنجازات عمر بن عبد العزيز
خلافة المسلمين
- تولى عُمر بن عبد العزيز الخلافة بعد أن أسند له ذلك سليمان بن عبد الملك.
- حدث ذلك يوم الجمعة 10 صفر عام 99 هـ، ولم يكن يرغب في هذا المنصب ولكنه استُدعي لأجله.
- عبر عن مشاعره حين قال: “أيها الناس، قد ابتليت بهذا الأمر دون رغبة مني أو استشارة من المسلمين، فاختاروا لأنفسكم.”
- رد تعبير الحاضرين بإجماعهم على اختياره أميرًا للمؤمنين.
- وافق على تولي الأمر، لكنه حث الناس على تقوى الله وطاعته ما دام يتبع أوامر الله ورسوله، وطالبهم برفض طاعته إذا عصى الله.
- عاش الناس في عهده في أمان وعدالة، حيث طبق شرع الله وأعاد الحقوق إلى أصحابها.
- كان يسعى نحو التقدم في شتى المجالات، عازفًا على اختيار الموظفين والقضاة بعناية.
- كان مُحبًا للعمل، مما ساهم في ازدهار البلاد وتحقيق الراحة للمواطنين.
- تخلص من العادات السيئة التي تمارسها بني أمية مع المسلمين الجدد.
- عمل على حل النزاعات الخارجية، وعلى رأسها قضايا الخوارج الذين استنزفوا موارد الدولة في الحروب.
إمارة المدينة
- تولى عُمر بن عبد العزيز إمارة المدينة في عهد الوليد عام 86 هـ، وظل في هذا المنصب حتى عام 93 هـ. وهناك من يقول أنه تولى الإمارة عام 87 هـ.
- تميز بفترة حكمه بالعدل، واستعان بعشرة من كبار المدينة للمساعدة في إرساء الحق.
- من أبرز إنجازاته في هذه الفترة توسيع المسجد النبوي، ومن ثم تقلد ولاية الحجاز حيث استطاع تطبيق العدالة والأمان.
- عمل على حفر الآبار وتوسيع الطرق، واستطاع استعادة المال العام إلى مستحقيه، وسمح للهاربين من الظلم بالعودة إلى المدينة.