في هذا المقال، سنقوم بتسليط الضوء على حياة واحد من الأطباء والمؤرخين البارزين، الذي كان له تأثير كبير في تطور علم الطب عبر العصور، وهو ابن الجزار.
تعريف ابن الجزار
اسم ابن الجزار الحقيقي هو أبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد، وهو واحد من أشهر الأطباء المتخصصين الذين أبدعوا في القرن الرابع الميلادي.
لم يكن ابن الجزار طبيبًا فحسب، بل كان أيضًا مؤرخًا حريصًا على توثيق الأحداث التاريخية الهامة لتظل محط اهتمام الأجيال القادمة.
نشأة ابن الجزار
- وُلد ابن الجزار في مدينة القيروان في تونس، وكانت عائلته بأكملها تقريبًا تعمل في مجال الطب، مما غذى شغفه بالعلوم الطبية منذ صغره.
- تميز والده في طب العيون، بينما برع عمه في الجراحة، حيث كان لهما دور بارز في تعليمه أسرار الطب.
- كما أنه انتفع بمعرفة الأطباء إسحاق بن سليمان وإسحاق بن عمران، وهما من الأطباء المعروفين في مجالاتهم.
الصفات البارزة لابن الجزار
تميز ابن الجزار بصفات عدة ساعدته على التفوق في مجالات متعددة، حيث كان:
- ذكياً ومبتكراً، مما ساعده في إيجاد حلول جديدة لمواجهة الأمراض السائدة في زمانه.
- يتمتع بروح إنسانية، فكان دافعه للدراسة والبحث هو الرغبة في تخفيف معاناة المرضى البسطاء.
- شغوفًا بعمله ولا يتردد في العمل بجد لتحقيق إنجازات جديدة.
- ليس فقط متفوقًا في مجال واحد، بل استطاع أن يحقق نجاحات في الطب والتاريخ والصيدلة وعلم النفس.
- عفيف النفس، حيث كان يعالج المرضى دون طلب أي أجر مقابل لذلك.
إشادات الآخرين بابن الجزار
كان لدى ابن الجزار سمعة طيبة بين أقرانه، حيث كان يُذكر دائماً بالخير:
- ورد عنه الذهبي في كتابه “سير أعلام النبلاء”، حيث قال: “ابن الجزار الفيلسوف الباهر وشيخ الطب”.
- بينما قال عنه سليمان بن حسان الملقب بابن جلجل: “إن أحمد ابن أبي خالد كان له سمت عجيب، ولم يُعرف عنه زلة في القيروان”.
- وأضاف أيضاً أنه كان يشارك في الجنائز والأعراس دون أن يأكل فيها، وكان يحافظ على علاقاته دون تملق للسلطان.
إنجازات ابن الجزار العلمية
خلال حياته، قدم ابن الجزار العديد من الإنجازات العلمية، حيث:
- ترجم كتبًا طبية يونانية هامة، مثل كتاب “المقالات الست في الأدوية المفردة لجالينوس” و”المقالات الخمس لديسقوريدس”.
- اطلع على مجموعة واسعة من مؤلفات العلماء العرب والمسلمين، مما ساعده في تأليف أعمال جديدة تسهم في ثراء التاريخ الطبي.
- عززت علاقته بالدولة الفاطمية شهرته، مما ساهم في نشر إنجازاته الطبية على نطاق واسع.
- ظل الأطباء في تونس يدرسون كتبه في الطب لمدة نحو ستة قرون بعد وفاته.
مؤلفات ابن الجزار
ترك ابن الجزار إرثا كبيرا من المؤلفات في مجالات متعددة، نذكر منها:
- كتاب “طب الفقراء”.
- كتاب “البغية” الذي يتناول الأدوية المركبة.
- كتاب “الاعتماد” الذي يتناول الأدوية المفردة.
- كتاب يتحدث عن المعدة وأمراضها.
- كتاب عن الفرق بين العلل المتشابهة.
- كتاب “زاد المسافر وقوت الحاضر”، الذي عُرف بتفصيله لعلاج الأمراض، وتم ترجمته إلى عدة لغات.
- كتاب “العدة لطول المدة”، الذي يُعد من أطول مؤلفاته.
- كتاب “قوت المقيم”، الذي قسم إلى 20 مجلدًا كبيرًا.
- كتاب “عمل العطريات المنتخبات”.
- كتاب “سياسة الصبيان”، الذي يتناول أمراض الأطفال وكيفية علاجها.
- كتب أخرى تتناول مواضيع متنوعة مثل الصحة وعلوم الطب المختلفة.
وفاة ابن الجزار
تضاربت الأقوال حول وفاة ابن الجزار، إلا أن الرأي السائد هو أنه توفي في عام 369 هجري في الأندلس بعد أن تجاوز الثمانين من عمره.