أسباب ضعف التوكل على الله
التوكل على الله يمثل أحد الأسس الجوهرية في قلب المسلم، فهو جزء أساسي من العبودية، وبه يتمكن الشخص من الارتقاء إلى أعلى الدرجات. وقد عرّف ابن القيم التوكل بأنه “اعتماد القلب على الله وحده”، مشيرًا إلى أن مجرد القيام بالأسباب دون الاطمئنان إلى الله لا يُعتبر توكلاً، كما أن القول “توكّلتُ على الله” بينما يعتمد الشخص على غيره لا يُعتبَر جديرًا.
توجد أسباب عديدة تجعل التوكل على الله يضعف في قلوب الناس، مما يؤدي إلى زهدهم في التوجه إليه، ومن هذه الأسباب:
- تعلق الناس بالأسباب المادية، حيث يركزون على ما يحقق مصالحهم الدنيوية ويفصلون قلوبهم عن الله، مما يجعلهم يشعرون بالبعد عن الله وعدم الإيمان به.
- اعتقاد الناس بأن الأسباب هي المؤثرة بشكل ذاتي، متجاهلين قدرة الله في جعلها مؤثرة، وهذا يُعتبر شركًا في الربوبية.
- عدم الأخذ بالأسباب مع وجود التوكل على الله، وهذا غير صحيح، فالله -تعالى- يأمر عباده بالتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، وترك الأسباب يُعَدّ ضعفًا في التوكل.
ثمرات التوكل على الله
للتوكل على الله -تعالى- فوائد كبيرة يشعر بها المسلم في حياته وظروفه، منها:
- يُحمي المسلم من كيد الشيطان ويقيه من أذاه، كما قال الله -تعالى-: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).
- يقي المسلم من اليأس والتشاؤم والشكوك التي تعكر صفو الحياة، كما أكد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الطيرة شرك الطيرة شرك، الطيرة شرك، وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل).
- يمنح شعور الأمان والطمأنينة للمتوكل، مما يبعد عنه أذى الناس وظلمهم والمخاطر المحتملة.
- يدرك المتوكل على الله عظمة وقدرة الله -تعالى- على تيسير الظروف وتفريج الهموم وجلب الرضا والسعادة.
- التوكل على الله -تعالى- يُعزز الرزق ويجعل البركة فيه، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلّم-: (لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا).
- من أبرز ثمار التوكل على الله أنه يُعَزِّز فرص دخول الجنة، كما جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب، هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون).
الفرق بين التوكل والتواكل
يعتبر التوكل على الله -تعالى- أمرًا محمودًا ومرغوبًا في الإسلام، في حين يُعد التواكل أمرًا مذمومًا. فالتوكل هو الاعتماد على الله مع الأخذ بالأسباب، بينما التواكل هو انتظار الفرج من الغير، مما يعكس علامة الضعف والعجز. لذا ينبغي على المسلم أن يعتمد على الله أولًا ثم يسعى على نفسه، دون أن يكون عبئًا على الآخرين.