أحكام الصيام والدورة الشهرية
اتفق الفقهاء على أنه يحظر على المرأة الصيام أثناء فترة حيضها، سواء كان ذلك صياماً فرضياً في رمضان أو صياماً نافلاً. وفي حالة صيامها رغم ذلك، فلن يُقبل صومها. وقد أبدى العلماء تفسيرات متعددة حول سبب تحريم صوم الحائض؛ حيث أن أحد الآراء يُشير إلى أن هذا الحكم تعبدي بحت، لا علاقة له بالطهارة، إذ إن الصوم يُعد صحيحاً في حالة الجنب. ورأي آخر يرى أن صيام الحائض قد يُلحق بها الأذى، حيث تعاني من ألم الحيض والإرهاق المرتبط بالصيام.
حكم الطهر من الحيض أثناء نهار رمضان
إذا طهرت المرأة من حيضها خلال نهار رمضان، فإنها تُواجه رأيين حول ضرورة الإمساك أو عدمه كالتالي:
- الرأي الأول: يُلزم الحائض بالإمساك إذا طهرت خلال نهار رمضان، ويجب عليها قضاء هذا اليوم. وهذا هو مذهب الحنفية ورواية عن الإمام أحمد. واستند أصحاب هذا الرأي إلى أن التوقيت الصحيح لصيامها يكون بشرط الطهر قبل الفجر، وبالتالي فإنها إن طهرت بعده، تلزم بالإمساك، ويُعتبر ذلك شبيهاً بحالة من شهد الهلال فيلزمه الإمساك مع القضاء.
- الرأي الثاني: لا يتعين على الحائض الإمساك إذا طهرت خلال نهار رمضان، وهو موقف المالكية والشافعية، ورواية للإمام أحمد. ويرون أن الإذن بالفطر في أول النهار يتيح لها متابعة الإفطار حتى النهاية كما لو استمر عذرها، ولا يعني ذلك معصية لله أو كذلك أنه يجب عليها القيام بالصيام.
لمزيد من المعلومات، يُمكن الاطلاع على المقالة: ((متى يجب الصوم بعد الحيض)).
حكم استخدام أدوية تأخير الدورة الشهرية في رمضان
يجوز للمرأة أخذ أدوية لتأخير دورتها الشهرية بشرط عدم وجود أضرار تتعلق بذلك. وإذا كان الدواء يتسبب في ضرر عند استخدامه، يُعتبر تناوله محظوراً، والفحص الطبي يحدد ذلك. وفي حال تناول الدواء وتأخرت الدورة الشهرية، فإن الصيام يظل صحيحاً؛ لأن تناول الدواء لا تأثير له على صحة الصيام. ومع ذلك، يُفضل أن تترك المرأة الأمور تسير على طبيعتها كما أرادها الله.
لمزيد من المعلومات، يُمكن الاطلاع على المقالة: ((حكم تناول حبوب منع الحمل في رمضان)).
هل يُشترَط الاغتسال من الحيض لصحة الصيام؟
يرى غالبية الفقهاء أن صوم المرأة يكون صحيحاً إذا طهرت من الحيض قبل الفجر، حتى وإن لم تغتسل، وتدلّل الأدلة على ذلك بقول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ). وهذا يشير إلى أنه يجوز للرجل ملامسة زوجته حتى بروز الفجر، مما يعني أن الاغتسال قد يتم بعد ذلك، ويكون صيامه صحيحًا.
حكم صيام المستحاضة
الاستحاضة تعني استمرار نزيف الدم بعد انتهاء فترة الحيض المعتادة. في حال كانت الدورة الشهرية منتظمة، يُمكن للمرأة التطهر والصيام وأداء الصلاة بمجرد انتهائها من تلك المدة، حتى مع وجود دم الاستحاضة. ذلك لأن الاستحاضة قد تكون لأسباب مرضية أو غيرها، ولا يؤدي ذلك إلى حرمانها من العبادة، حيث إن حكمها يُعادل حكم الطاهرة. يُذكر في هذا السياق حديث عائشة -رضي الله عنها- عندما سألت عن فاطمة بنت أبي حبيش، حيث بيّن النبي -صلى الله عليه وسلم- لها كيفية التعامل مع الدم. يمكن للمرأة تمييز بين دم الحيض ودم الاستحاضة من خلال علامات معينة، وإذا تعذر عليها ذلك، فعليها الالتزام بالأيام الثابتة لدورتها الشهرية.
للمزيد من التفاصيل حول الاستحاضة، يُمكن الاطلاع على المقالة: ((ما هي الاستحاضة)).
ما يترتب على الإفطار بعذر الدورة الشهرية
يتعين على الحائض قضاء ما أفطرته في رمضان بسبب الحيض، وذلك بناءً على ما روي عن معاذة بقولها لعائشة: (سَأَلْتُ عَائِشَةَ فَقُلتُ: ما بَالُ الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ، ولَا تَقْضِي الصَّلَاةَ؟) حيث كانت تشهد بذلك. وقد اتفق العلماء على ذلك، ويجوز للمرأة تأخير القضاء شريطة عدم ضيق الوقت، مع تأكيد ضرورة المسارعة لقضاء الصيام الواجب.
يفرق العلماء بين من جاء رمضان عليه وقد أفطر بعذر عمن لم يقضِ بدون عذر؛ فمن افطر بعذر مثل المرض لا يترتب عليه إثم، بينما من يؤخر القضاء بلا عذر فالكثير من الفقهاء يرون أن عليه إثم ويجب عليه كفارة. وهذه الكفارة تتطلب إطعام مسكين عن كل يوم. وقد أشاروا إلى أن الصيام عبادة تتكرر، مشابهة للصلاة، ولا يُقبل تأخير الأولى عن الثانية.
لمزيد من التفاصيل حول أحكام الصيام للمرأة، يُمكن الاطلاع على المقالات التالية:
- ((أحكام الصيام للنساء)).
- ((كيف تستغل الحائض رمضان)).