دعوة لأداء صلاة الجماعة
تُعتبر صلاة الجماعة في المسجد من أعظم الطاعات التي يمارسها المسلمون للتقرب إلى الله تعالى، حيث تجسد شعائر الإسلام، وتعكس وحدة الأمة الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، تسهم صلاة الجماعة في تعزيز الترابط الاجتماعي بين المسلمين، مما يمكنهم من التحقق من أحوال بعضهم البعض رغم اختلاف أصولهم وتعدد قبائلهم. قال الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ). وقد شرع الله عدداً من الصلوات التي يُجمع فيها المسلمون في أوقات محددة، مثل صلاة الجُمعة وصلاة العيدين والصلوات الخمس.
أهمية وفضائل صلاة الجماعة
الأجر والثواب المرتبط بصلاة الجماعة
تتعدد الفضائل التي تتمتع بها صلاة الجماعة، وتبرز الأجور التي يُثاب بها المصلون، ومن أبرز هذه الفضائل:
- يضاعف الله أجر المصلّي في جماعة إلى سبع وعشرين درجة مقارنة بأداء الصلاة منفرداً، وذلك وفقاً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (صَلَاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلَاةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً). وقد ذُكِرَ في بعض الأحاديث أنها تزيد بخمسٍ وعشرين درجة، ويجمع العلماء بين الروايتين بناءً على اختلاف خُشوع المصلّي وعدد الجماعة وكمال الصلاة.
- يحفظ الله المصلّي في جماعة من وساوس الشيطان لغالب وقوله -عليه الصلاة والسلام-: (ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تُقامُ فيهمُ الصلاةُ إلَّا قدِ استحوذَ عليهم الشيطانُ، فعليكم بالجماعةِ فإنَما يأكلُ الذئبُ القاصيةَ).
- يعزز أجر المصلّي في جماعة كلما زاد عدد المصلين، كما ورد في قوله -عليه الصلاة والسلام-: (إنَّ صلاةَ الرجُلِ مع الرجُلِ أزكى من صلاتِه وحده، وصلاتَه مع الرجُلَينِ أزكى من صلاتِه مع الرجُلِ، وما هو أكثرُ فهو أحبُّ إلى الله تعالى).
- يُحقق الله براءة المصلّي من النار والنفاق لمن أدرك تكبيرة الإحرام في جماعة لمدة أربعين يوماً، كما جاء في الحديث: (مَن صلَّى لله أربعين يومًا في جماعة يدرك التكبيرة الأُولى كُتب له براءتان: براءة من النار وبراءة من النفاق).
- ينال المصلّي الفجر في جماعة ويذكر الله حتى تشرق الشمس أجرًا يعادل أجر الحج والعمرة، كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صلّى الفجرَ في جماعة، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامةٍ).
- يُثيب الله مَن يُصلي الفجر والعشاء في جماعة كأجر قيام الليل، وهذا واضح من قوله -عليه الصلاة والسلام-: (مَن صلى العشاءَ في جماعةٍ كان كقيامِ نصفِ ليلةٍ، ومَن صلى العشاءَ والفجرَ في جماعةٍ كان كقيامِ ليلةٍ).
- تتواجد ملائكة الليل والنهار عند صلاتَي الفجر والعصر، حيث يشهدون للمسلم الذي يُصليهما ويُبشّره الله بالجنة. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَن صَلَّى البردين دخل الجنة).
- يشعر الله -سبحانه- بالفرح برؤية عباده مجتمعين لأداء الصلاة، مما يدل على محبته لهذه الصلاة ولمن يتعاون في أدائها، كما جاء في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ ليعجبُ من الصلاةِ في الجماعة).
- ينال المسلم الذي ينتظر إقامة صلاة الجماعة أجره كأنه قائم في صلاته، بالإضافة إلى دعاء الملائكة له، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يَزَالُ العَبْدُ في صَلَاةٍ ما كانَ في مُصَلَّاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، وَتَقُولُ المَلَائِكَةُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ له، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، حتَّى يَنْصَرِفَ، أَوْ يُحْدِثَ).
- يُبشّر المسلم الذي يسعى للصلاة في الليل بالنور التام يوم القيامة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليُبَشَّر المشاؤون في الظُّلمِ إلى المساجدِ بنورٍ تامٍ يوم القيامة).
أثر صلاة الجماعة على الفرد والمجتمع
تترك صلاة الجماعة آثاراً وفوائد عديدة على اجتماع المسلمين، ومن أهم هذه الآثار:
- يُعزز اجتماع المسلمين في وقت ومكان واحد من التآلف بين قلوبهم ويقوي الإحسان بينهم، ويحفز للدعوة إلى الله من خلال الأقوال والأفعال.
- لقاء المسلمين وتجمعهم للصلاة يمنحهم الفرصة لتفقد أحوال بعضهم البعض، بما في ذلك زيارة المرضى ومساعدة المحتاجين وتبادل العلم والمعرفة.
- يُشعر المسلم أن وقوفه في الصلاة يعكس وقوفه في صفوف الجهاد، مما يعزز شعور الوحدة والمساواة بين المسلمين حيث يصلي الغني والفقير جنباً إلى جنب.
- يُشعر المصلّي بتجربة الصحابة واقتداءهم برسول الله -عليه الصلاة والسلام-، مما يزيد من حرصه على اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- والنشاط في العبادة.
- تُضاعف الأجور والحسنات في الدعوة إلى الدين، وهي بمثابة تربية للأمة لتعزيز المحافظة على أوقاتهم.
فضل المشي إلى صلاة الجماعة
أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن للمشي إلى الصلاة في المساجد أجرًا عظيمًا، ومن بين ذلك:
- يُكتب للصائم الذي يغتسل ويمشي إلى الصلاة يوم الجمعة أجر صيام سنة وقيامها، كما ورد في الحديث: (مَن غَسَّل يومَ الجمُعةِ واغتَسَل، ثم بكَّر وابتَكَر، ومَشى ولم يركَبْ، ودنا من الإمامِ، فاستَمَع ولم يَلغُ، كان له بكلّ خُطوةٍ عملُ سنةٍ أجرُ صيامِها وقيامِها).
- يستظل الشخص المُقبل على الصلاة بظل عرش الرحمن يوم القيامة، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ في ظِلِّهِ يومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ).
- من المستحب أن يسير الشخص إلى صلاة الجماعة بسكينة ووقار دون عجلة، وفقاً لرأي معظم الفقهاء، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أقيمت الصلاة، فلا تأتوها وأنتم تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون، وعليكم السكينة).