الدعوة الإسلامية
تُعتبر الدعوة الإسلامية دعوةً إلى الدين الإسلامي، الذي أنزله الله تعالى من خلال النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- لتكون رسالةً ختاميةً تشمل جميع البشر. حيث جاء في كتاب الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا). وقد شهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الكثير من التحديات والصعوبات في سبيل إيصال هذه الرسالة، إلا أنه صبر وثابر حتى أعلت كلمات الله تعالى وأظهر دينه. كما ورد في قوله تعالى: (هُوَ الَّذي أَرسَلَ رَسولَهُ بِالهُدى وَدينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكونَ). وقد أنتهج الصحابة الكرام والخلفاء الراشدون -رضوان الله عليهم- هذا المنهج، واستمرت الدعوة في الانتقال بين الأجيال، فكلما رحل جيل، تلاه جيل جديد يحمل راية الإسلام ويدعو إليه.
أهمية الدعوة الإسلامية
تحظى الدعوة إلى الله -تعالى- بمقامٍ عظيمٍ في الإسلام، فهي الأساس الذي يعتمد عليه في نشر الدين، وأحد الأركان الجوهرية لوجوده. وفيما يلي بعض النقاط التي تبرز أهمية الدعوة:
- الدعوة كانت السبب في انتشار الإسلام واهتداء العديد من الناس، إذ عُرفوا بخالقهم ووحدوه وتعلموا أمور دينهم.
- تساهم الدعوة في ضبط المعاملات والأحوال الاجتماعية والأسرية.
- تحسن الدعوة من أخلاق الناس، مما يقلل من الخلافات ويعزز من الأمان بين الأفراد.
- تشجع الدعوة على نشر الخير وقطع الفساد، مما يحقق السعادة للدعاة والمدعوين في الدنيا والآخرة.
- تعمل الدعوة على مواجهة العقائد الفاسدة وتعزيز العقيدة الإسلامية الصحيحة، مما يسهل دخول غير المسلمين في دين الله، ويقوي منهج الإسلام في الأرض.
حقيقة الدعوة الإسلامية
تأسست الدعوة الإسلامية على يد النبي محمد -صلى الله عليه وسلّم- وأصحابه الأطهار، وكانت دعوةً ربانية نقية، تهدف إلى رفع الإنسان عن الدنائيات إلى ما أراده الله له من تكريم وعز. وفيما يلي أبرز ملامح هذه الدعوة:
- تقوم الدعوة على إقامة شريعة الله في الأرض، وعلى الإيمان بتوحيده، ولها دور في صياغة الحياة بصبغةٍ ربانية، كما جاء في قوله تعالى: (قُل إِنَّ صَلاتي وَنُسُكي وَمَحيايَ وَمَماتي لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ* لا شَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المُسلِمينَ).
- تدعو إلى تحرير النفس من عبودية غير الله، والخوف من الطمع، والاتجاه نحو بناء أنفس مؤمنة صالحة لخلافة الله في الأرض.
- ترمي إلى بناء مجتمعٍ نظيفٍ يلزم بمراعاة الآداب والحفاظ على الحرمات، ويتصدى لكل أنواع الفساد.
- تهدف الدعوة إلى توجيه الناس وهدايتهم، وتزكية قلوبهم لتحقيق السعادة في الدنيا والآخرة.
حكم الدعوة الإسلامية
تُعتبر الدعوة إلى الله -تعالى- فرض عينٍ على كل مسلم ومسلمة، وفقاً لإمكانياتهم وقدراتهم. وفيما يلي أدلة ذلك:
- أدلة من القرآن الكريم:
- قال الله تعالى: (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). ويشير ابن كثير في تفسيره إلى أن هذه الفريضة واجبة على كل فئة من الأمة، إذ يشمل ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة، مثل وجوب الصلاة، وحرمة الخمر، وغيرها.
- قال الله تعالى عن الأمة: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)، مما يبين أن خيرية الأمة تتجلى في التزامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- قال الله تعالى: (وَالمُؤمِنونَ وَالمُؤمِناتُ بَعضُهُم أَولِياءُ بَعضٍ يَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ)، وهذا يدل على أن من صفات المؤمنين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
- أدلة من السنة النبوية:
- قال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (بلغوا عنّي ولو آيةً).
- قال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (مَن رأى مِنكُم مُنكراً فليغيِّرهُ بيدِهِ، فإن لم يَستَطِع فبِلسانِهِ، فإن لم يستَطِعْ فبقَلبِهِ، وذلِكَ أضعَفُ الإيمانِ).
فضل الدعوة الإسلامية
تُعتَبر الدعوة إلى الله -تعالى- من أفضل الأعمال ورفيعة الشأن، فهي شعار أتباع الرسل عليهم السلام، ولها مزايا عديدة، منها:
- إن الدعوة تُعد من أجمل الكلمات، مما يرفع من منزلة الدعاة عند الله، كما جاء في قوله: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
- دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن بلّغ دعوته بقوله: (نضَّرَ اللَّهُ امرأً سمِعَ مَقالتي فبلَّغَها، فربَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ وربَّ حاملِ فقهٍ إلى من هوَ أفقَهُ مِنهُ).
- قال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (فواللَّهِ لأنْ يهدِيَ اللَّهُ رجلًا بك، خيرٌ لك مِن أنْ يكونَ لك حُمْرُ النَّعَمِ).
- الحصول على أجرٍ مماثلٍ لأجر الفاعل، حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلّم-: (من دَلَّ على خيرٍ فله مثلُ أجرِ فاعلِه).
- تعتبر الدعوة والعلم المنشود من قبل المسلمين من الأمور التي يستمر أجرها بعد موت المسلم، كما بين النبي -صلى الله عليه وسلّم- بقوله: (إذا مات ابنُ آدمَ انقطع عملُه إلا من ثلاثٍ: صدقةٍ جاريةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٌ صالحٌ يدعو له).