تمثل الأهداف السلوكية المعرفية نقطة انطلاق حيوية في عملية التعليم، حيث تتباين قدرات التلاميذ العقلية والمهارات السلوكية والدراسية. تؤثر هذه الفروقات بشكل كبير على مسيرتهم الدراسية وقدرتهم على تلقي واستيعاب المعلومات، إذ ليس بالإمكان افتراض تساوي القدرة على الفهم بين الأفراد، وذلك نتيجة لمشيئة الله سبحانه وتعالى.
لقد منحنا الله تنوعًا في طرق التفكير والاستنتاج وسرعة البديهة، مما يستدعي ضرورة وضع أسس تهدف لتعزيز القدرات العقلية والفكرية والوجدانية للطلاب. هذه الأسس تساعد في تحقيق توافق مثمر بين الطالب والمعلم.
ما هي الأهداف السلوكية المعرفية؟
يمكن تعريف الهدف السلوكي بأنه النتيجة المتوقعة التي تترتب على السلوك أو الأداء من قبل الطالب نتيجة لعملية التدريس والتعلم.
كما يُعرف الهدف السلوكي بأنه ما يجب على الطالب أن يستطيع القيام به ليُظهر اكتسابه للمعرفة أو المهارة المحددة. هو أيضًا يعكس التغيير المحتمل في سلوك المتعلم والذي يتم تقديمه بعد تعرضه لتجارب تعليمية معينة.
يعرَّف الهدف السلوكي بشكل دقيق وواضح كمخرج تعلم مستهدف، يظهر في صورة سلوكيات يمكن ملاحظتها وقياسها. كما أنه يمثل عبارة تصف التغيرات المحتملة التي قد تطرأ على سلوك الطالب عند اكتمال عملية التعلم بنجاح.
عناصر الهدف السلوكي
- يتكون الهدف السلوكي من ثلاثة عناصر أساسية تساعد في صياغته.
- السلوك النهائي، وهو سلوك يُظهر نتاج التعلم من قبل الطالب، ويمكن ملاحظته أو قياسه، كما أنه يعد نتاج التعلم عندما يقوم بأفعال مثل: المشي، المقارنة، البرهنة، التمييز، والترتيب.
- الظروف التي يتم في إطارها تحقيق الأهداف، مثل توفر الأدوات الهندسية اللازمة للرسم الهندسي أو وجود آلة حاسبة لحل مسألة حسابية معينة.
- معيار قياس الأداء، حيث يتم تقييم الأداء بعد إتمام الطالب لعملية التعلم، وهو من التحديات الكبيرة بسبب وجود العديد من العوامل والمتغيرات التي تؤخذ بعين الاعتبار أثناء تقييم الأداء وفق المعايير المحددة.
تصنيف الأهداف السلوكية المعرفية
يمكن تصنيف الأهداف تحت مسميات مختلفة، مثل: الأهداف المعرفية، الأهداف النفس حركية، والأهداف الوجدانية.
يستند تصنيف الأهداف إلى فكرة أن ناتج التعلم يمكن أن يُعبر عنه من خلال تغيرات معينة في سلوك الطلاب.
ينظر بعض المعلمين إلى تصنيف الأهداف التعليمية كوسيلة مساعدة لتحديد أفضل الظروف الملائمة لتعليم المهام المستهدفة، التي يتوقع من الطلاب النجاح في تنفيذها، مبرزين أن ظروف تكوين المفاهيم تختلف عن ظروف حل المشكلات.
وينبغي أن يُنظر إلى تصنيف الأهداف السلوكية كضرورة نظراً لاختلاف توجهات المعلمين في التعامل مع المحتوى التعليمي، بالإضافة إلى تنوع أساليب تعلم الطلاب والتوجهات الفردية لكل منهم، مما يتطلب تحديد أساليب تدريسية تتماشى مع هذه الأهداف.
أهمية تصنيف الأهداف السلوكية المعرفية
ترتبط أهمية تصنيف الأهداف السلوكية بعدة عوامل تسهم في تحقيق الأهداف المرجوة، حيث يساعد التصنيف في:
- توفير نطاق واسع من الأهداف.
- تيسير تسلسل الأهداف.
- تعزيز فعالية التعلم.
- تطوير بناء معرفي متين.
- تقديم نموذج تعليمي متكامل.
- تشخيص مشكلات التعلم بشكل دقيق.
- المساهمة في إنجاح جهود التعلم.
- مساعدة القادة في اتخاذ قرارات تعليمية سليمة.
أنواع التعلم
تنقسم عملية التعلم إلى عدة أصناف، حيث يختلف كل نوع في المعنى وطرق التطبيق، وهي كالتالي:
- التعلم الإشاري: يتضمن اكتساب ردود فعل انفعالية تجاه مثيرات معينة، مثل الشعور بالقلق عند رؤية ورقة الامتحان.
- التعلم بالاستجابة: يُظهر قدرة الطفل على الاستجابة المحددة لمؤثر معين، حيث يشمل ذلك الاستجابات الحركية والحسية.
- التسلسل: يشير إلى قدرة الطفل على ربط سلسلة من التعليمات المتتابعة.
- التمايز المزدوج: قدرة الطفل على التمييز بين المثيرات وتقديم استجابات ملائمة.
- تعلم المفهوم: يتمثل في قدرة الطفل على اعتبار مجموعة من المؤثرات شيئا واحدًا وسماها، مثل تصنيف نبات معين على أنه أخضر.
- تعلم المبدأ: يتضمن قدرة الطفل على دمج المعلومات من مفهومين مختلفين.
- حل المشكلات: استخدام المبادئ المتعلمة لحل مشاكل معينة.
دور الأهداف السلوكية
تلعب الأهداف السلوكية دورًا هامًا في عدة مجالات:
- تخطيط وتطوير المناهج: تساهم في وضع المناهج التعليمية وتحديثها، واختيار أنسب الوسائل والأنشطة التعليمية.
- تشمل كذلك تطوير الكتب الدراسية والمناهج التعليمية، بالإضافة إلى تحسين برامج تدريب المعلمين والتعلم الذاتي.
- توجيه أنشطة التعلم: تسهم في تسهيل التواصل بين المعلمين وطلابهم، مما يتيح للطرفين مناقشة الأهداف التربوية ويساعد في تطوير المناهج وطرق التعليم.
- تسليط الضوء على المفاهيم الأساسية التي تشكل الهيكل الأساسي للمواد الدراسية، مع استبعاد التفاصيل غير الضرورية.
- توفير إطار يساعد الطلاب على استقبال المعلومات الجديدة بشكل منظم، مما يسهل عملية التعلم.
- دعم التعلم الفردي وتمييز الطلاب بناءً على تصميم برامج تتوافق مع الأهداف.
- تساعد الأهداف السلوكية في تصميم العملية التعليمية من خلال اختيار الأنشطة والوسائل التعليمية الفعالة.
الأهداف السلوكية
- تعزز توازن الأهداف ومراتبها.
- تقدم قاعدة متينة لتقويم تحصيل الطالب وتصميم الاختبارات.
- ترشد جهود المعلمين نحو تحقيق النتائج المطلوبة.
- تشكل أساس تصميم العملية التعليمية التي تستجيب للتغيرات في المواقف التعليمية.
- تساعد في بناء جسر للتواصل القائم بين الهيئة التدريسية وأولياء الأمور.
- توفر الأساس الذي يجب أن يستند إليه التقويم التعليمي.
تساعد الأهداف في قياس فعالية التعليم ونجاحه في إحداث التغيير المطلوب في سلوك التلاميذ.
إذا لم يتم تحديد نوعية التغيير، فإن عدم وضع الأهداف يعد عائقًا أمام المعلم في القيام بالتقييم، ويؤدي إلى عدم فهم النتائج المحققة من جهود التعليم.