يعتبر السؤال حول الفروق بين الأشاعرة والماتريدية من الموضوعات الهامة التي تهم المسلمين المعنيين بالنقاش حول الاختلافات بين الفرق والمذاهب الإسلامية، حيث يُعرف عن الأشاعرة أنهم يختلفون مع أهل السنة في العديد من المسائل.
تباين الآراء بين الأشاعرة والماتريدية
توجد العديد من الفروق التي تميز طرح الأشاعرة عن الماتريدية، وفيما يلي استعراض لأهم هذه الفروق:
- تعتقد الماتريدية أن الله يُكلف عباده بما يُمكنهم فعله فقط، بينما ما يتجاوز قدرتهم فلا يُطالبهم به.
- على النقيض، يرى الأشاعرة أن التكليف بما لا يطاق جائز، وقد خالفهم في ذلك الإسفرايني والغزالي.
- كذلك، ترى الماتريدية أن الله يفعل ما يفعل بناءً على حكم يُستدعي هذا الفعل.
- في حين أن الأشاعرة يرون أن أفعال الله تعالى مسألة جائزة لا تقتضي الوجوب.
مفهوم الأشاعرة
فيما يلي نظرة مختصرة حول الأشاعرة وتاريخهم وأفكارهم الأساسية:
- نُسب الأشاعرة إلى الإمام أبي الحسن الأشعري.
- سُموا بالأشاعرة لأنهم تبنوا نفس المعتقدات التي نادى بها أبي الحسن الأشعري.
- يؤمن الأشاعرة بسبع صفات إلهية، وهم يختلفون مع أهل السنة بشأن العديد من القضايا العقائدية.
- ظهر مذهب الأشاعرة في القرن الرابع الهجري.
- تتلمذ العديد من الأشاعرة على يد الإمام أبو المعالي الجويني.
- من العلماء المتميزين الذين تلقوا تعليماً على يديه الإمام الحويني وكذلك أبو حامد الغزالي، الذي ربط بين المنطق وعلم المسلمين.
- قدّم أبو حامد الغزالي أسلوبًا للرد على الفلاسفة فيما يتعلق بعقيدة الأشاعرة، وعُرف هذا الأسلوب بأسلوب المتأخرين.
- وقد ربط الأشاعرة بعد ذلك بين الفلسفة وعلم الكلام تحت قيادة الإمام الفخر الرازي، الذي أصبح إمامًا لهم ومرجعًا لأفكارهم.
أهم أفكار الأشاعرة
يمكن تصنيف أفكار الأشاعرة إلى قسمين رئيسيين:
قسم المتقدمين
- وهم الذين يثبتون الصفات الخبرية، وكانوا أوائل من قاموا بتأويل صفات وجه الله ويديه وعينيه.
قسم المتأخرين
- استمروا على نهج المتقدمين، حيث قال بعضهم إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، بينما رأى آخرون أنه يمكن أن يزيد وينقص.
مفهوم الماتريدية
أما بخصوص الماتريدية، فإليكم أبرز المعلومات عنها:
- ظهرت الماتريدية في القرن الثالث الهجري، تحديدًا في نهايته، على يد أبي منصور الماتريدي.
- كان أبو منصور معروفًا بجديته في مواجهة المعتزلة.
- اقتبل العديد من الطلاب أفكاره وبدأوا في نشر تعاليمه.
- وبعد اتساع انتشار الماتريدية، قام أتباعها بتأليف العديد من الكتب التي تبين العقيدة الماتريدية.
- من أبرز علماء الماتريدية: ميمون بن محمد بن معتمد النسفي المكحولي.
- مدرسة البريلوية في شبه القارة الهندية تعد من أبرز المدارس التي تبنت الدعوة الماتريدية.
أهم أفكار الماتريدية
تُعد الماتريدية منهجًا قائماً بمعتقداتها، وفيما يلي عرض لأهم أفكارهم:
- تعتبر الماتريدية أن جميع الصفات اللازمة للفعلية غير موجودة، نظرًا لأنها تُعَد صفات اختيارية من وجهة نظرهم.
- منعوا الصفات الاختيارية عن الله سبحانه وتعالى لتفادي التشبيه.
- يرون أن كلام الله عز وجل هو معنى قديم أزلي، وليس له علاقة بمشيئة الله أو قدرته.
- عرّفوا الإعجاز بأنه الحدث الخارق للعادة المقرون بالتحدي مع غياب المعارضة.
- أثبتوا جميع المسائل المتعلقة بيوم القيامة، بما في ذلك علامات الساعة وعذاب القبر ونعيمه.
- ينفون إمكانية رؤية الله من قبل عباده المؤمنين يوم القيامة.
التأويلات الماتريدية
تشتهر العقيدة الماتريدية بالتأويل، وهو الفهم وتفسير المعاني، وفيما يلي بعض تأويلاتهم:
- فُسرت صفة اليد لله تعالى بأنها تعبر عن النعمة والقدرة.
- كما تم تفسير صفة العين بمعنى الحفظ والرعاية.
- تأويل استواء الرب يعني الاستيلاء.
- يعتقدون أن الله ليس داخل العالم ولا خارجه.
- حدد الماتريدية أربع صفات، وهي: الحياة، والإرادة، والقدرة، والعلم.
- كان لديهم جدال حول ثبوت عدد من الصفات، مثل صفة البصر وصفة السمع.
- أضافوا صفة تُعرف بصفة التكوين، وهي مرجع لجميع الصفات المتعلقة بالأفعال المتعدية.
التقارب بين الأشاعرة والماتريدية
بينما تم التطرق لفروق الأشاعرة والماتريدية، فإنه لا يمكن الجزم بوجود تقارب كبير، حيث:
- قد يعتقد البعض من الباحثين في الفرق الكلامية أن الأشاعرة والماتريدية يتبعان نفس المنهج، لكن هذا غير صحيح.
- قد يقترب المذهبان من مذهب أهل السنة والجماعة ولكن من زوايا مختلفة.
- يُذكر أن أبو الحسن الأشعري، مؤسس مذهب الأشاعرة، لم يلتق بأبي منصور الماتريدي، مؤسس مذهب الماتريدية، ولم يكن أي منهما شيخاً للآخر.
موقف الأزهر من الأشاعرة والماتريدية
ترتبط عقيدة الأزهر بعقيدتي الأشاعرة والماتريدية بالإضافة إلى فقه الأئمة الأربعة. وقد أوضح الإمام الدكتور أحمد الطيب أن عقيدة الأزهر تتبنى مفاهيم الأشاعرة والماتريدية وفقه المذاهب الأربعة وتعاليم الإمام الجنيد.