الكتل الهوائية القارية القطبية
تُعرّف الكتلة الهوائية (بالإنجليزية: Air Mass) بأنها كتلة ضخمة من الهواء تتميز بتجانس في درجات الحرارة والرطوبة، وتتحرك نتيجة لحركة الهواء من منطقة إلى أخرى. الحد الفاصل بين كتل الهواء المختلفة في درجة الحرارة يعرف بالجبهة الهوائية، لذا فإن الكتل والجبهات الهوائية لا تتشابه. تتنوع الكتل الهوائية بناءً على مصادرها، ومن بينها الكتل الهوائية القارية القطبية (بالإنجليزية: The continental polar air mass)، التي يتميز تكوينها بأنها تحدث فوق الأراضي وليس فوق البحار، مما يجعلها جافة.
تتكون الكتل الهوائية القارية القطبية خلال الأوقات الباردة من السنة في المناطق القطبية المتجمدة. معروف عنها أنها باردة نسبياً ومستقرة مع انخفاض في نسبة الرطوبة. وبالتالي، فهي تنتج طقساً بارداً جداً لا يرافقه عادةً تجمع للغيوم أو هطول للأمطار. كما أن هذه الكتل يمكن أن تؤدي إلى تلف المحاصيل الزراعية. عندما تمر عبر مناطق ذات رطوبة أو حرارة مرتفعة، فإنها تؤثر في مناخ تلك المناطق، مما يؤدي إلى تكوين سحب قد تحمل ثلوجاً أو أمطاراً خفيفة، وهذه السحب تساهم في خلق مناخ لطيف وصافي خلال فصل الصيف.
كتل هوائية قارية نشأت فوق القطب الشمالي
تتميز الكتل الهوائية القارية التي تنشأ فوق القطب الشمالي (بالإنجليزية: The continental Arctic air mass) بكونها كتل من الهواء البارد والجاف، وهي مستمرة بطبيعتها. على الرغم من أنها تشبه الكتل الهوائية القطبية البحرية، إلا أن مرورها عبر البحار أقل مقارنةً بتلك الكتل، مما يجعلها أبرد وأقل رطوبة.
تُعد الكتل القارية الشمالية نادرة خلال الصيف، ولكن عند تشكلها في هذه الفترة، قد تُسبب عواصف رعدية أو هطول غزير للأمطار، وقد يحدث انخفاض غير معتاد في درجات الحرارة. كما قد تتسبب هذه الكتل في هطول الأمطار والثلوج في الفترات من أكتوبر إلى مايو.
كتل هوائية قارية نشأت فوق القطب الجنوبي
تمتاز الكتل الهوائية القارية التي تتشكل في القطب الجنوبي (بالإنجليزية: The continental Antarctic air mass) ببرودتها وجفافها، وغالبًا ما تكون مستقرة. تُعتبر من أبرد الكتل الهوائية بين جميع الأنواع الأخرى، إلا أن بعض خصائصها قد تتغير عندما تتحرك فوق المحيطات، مما يمكنها من التحول إلى كتل هوائية بحرية قطبية عند وصولها إلى اليابسة في نصف الكرة الجنوبي.
كتلة هوائية قارية مدارية
تُعرف الكتل الهوائية القارية المدارية (بالإنجليزية: The continental tropical air mass) بأنها جافة وذات درجات حرارة مرتفعة. هذه الكتل تكون غير مستقرة في المناطق المنخفضة ومستقرة في المرتفعات. تتشكل غالبًا في المناطق القاحلة أو الصحراوية الموجودة في خطوط العرض الوسطى والدنيا خلال الصيف، مثل صحراء شمال إفريقيا. تشتهر بارتفاع درجات حرارتها وانخفاض رطوبتها، وهي تُعد الأكثر جفافاً بين الكتل الهوائية، حيث تسهم في استقرار مناخ الصحاري شبه الاستوائية في العالم.
تُعتبر الكتلة الهوائية القارية المدارية المسؤولة عن المناخ الحار الذي قد تصل حرارته إلى 30 درجة مئوية نهاراً و15-20 درجة مئوية ليلاً، مما يؤدي إلى تدهور الظروف لمنطقة السكن أو المعيشة للبشر والحيوانات. تنشأ هذه الكتل عادةً خلال الصيف وقد تكون محملة بالغبار والأتربة، وفي حال تساقط الأمطار، فهي تترك طبقة من الغبار على المركبات وتسبب مناخًا مغبراً يميل إلى اللون الأصفر البرتقالي.
كتلة هوائية قطبية بحرية
تتسم الكتل الهوائية القادمة من المناطق القطبية البحرية بكونها غير مستقرة، حيث تتكون من الهواء البارد والرطب. تنشأ الكتل الهوائية القطبية البحرية (بالإنجليزية: The maritime polar air mass) في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، وتحتوي على نسبة رطوبة أعلى مقارنةً بالكتل الهوائية القارية القطبية. بسبب نشوء هذه الكتل فوق المياه، فإنها تتمتع بمحتوى رطوبي أكبر. عند تحركها نحو المناطق الداخلية وعلى ارتفاعات عالية، قد تؤدي إلى تساقط أمطار غزيرة، خاصة عند مرورها بالمناطق الجبلية.
تقترب الكتل الهوائية من نوع القطبية البحرية من شكل إعصاري مما يسهل تكوين السحب وهطول الأمطار الغزيرة. علاوة على ذلك، عند مرورها بالمناطق الساحلية، قد تسهم في تشكيل مناخ معتدل نسبيًا.
كتلة هوائية مدارية بحرية
أما الكتل الهوائية المدارية البحرية (بالإنجليزية: The maritime tropical air mass) فهي تتميز بكونها دافئة ورطبة وغير مستقرة. تنشأ هذه الكتل فوق البحار الدافئة بما في ذلك المناطق المدارية والشبه المدارية، كما تتشكل في خليج المكسيك. تُعتبر من الأكثر أهمية في إنتاج الأمطار الغزيرة والحفاظ على الرطوبة على مدار العام، وغالبًا ما يكون نشاط الأعاصير في الولايات المتحدة الأمريكية ناتجًا عن هذا النوع من الكتل الهوائية.
خلال فصل الشتاء، تتحرك الكتل الهوائية من هذا النوع باتجاه الأقطاب وتلاحظ انخفاضًا في درجات الحرارة عند ملامستها للسطح، مما ينتج عنه ضباب مع رذاذ من المطر يسبب ضعف الرؤية. تتسم هذه الخصائص تقريباً بنفس الحالة في فصل الصيف.
تتعدد أنواع الكتل الهوائية، وتختلف خصائص كل نوع بناءً على منطقة المنشأ، حيث تتشكل بعض الكتل في الأقطاب المتجمدة، فيما تنشأ أنواع أخرى من المناطق القاحلة أو الصحراوية حول العالم. تُعتبر الكتل الهوائية المسؤولة عن المناخ على سطح الأرض، إذ تنتج الكتل التي تؤدي إلى مناخ لطيف وبارد خلال الصيف، بينما تؤثر الكتل الأخرى على مناخ جاف وحار، كما تلعب دورًا في تدمير المحاصيل الزراعية في الشتاء وتشكيل الأعاصير في مناطق مختلفة.