أنواع شعائر الله
لقد أمر الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بتعظيم شعائره، حيث أن “الشعائر” هي جمع “شعيرة” التي تعني العلامة، مأخوذة من مفهوم الإبلاغ (الإعلام). شعائر الله هي “علامات دينه ومظاهره التي شرعها وأمر بها عبادَه”. تشمل هذه الشعائر العديد من الأمور مثل الصلاة، والحج، والأذان، والإحسان إلى الناس والمخلوقات وغيرها. تنقسم هذه الشعائر إلى أنواع عدة، منها:
الشعائر الزمانية
تشير الشعائر الزمانية إلى تلك المرتبطة بأوقات معينة حيث شرّف الله -عز وجل- بعض الأزمنة لما تتضمنه من هداية وخير. ومن الأمثلة على هذه الأزمنة:
شهر رمضان
في هذا الشهر، أنزل الله القرآن كما جاء في قوله -تعالى-: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ). يتميز رمضان أيضاً بليلة القدر التي تفضل على ألف شهر، هذا الشهر هو وقت المغفرة والعتق من النار، حيث تُفتح فيه أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار، والشياطين تُصفّد.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له إلَّا الصَّوْمَ، فإنَّه لي وأنا أجْزِي به، ولَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِن رِيحِ المِسْكِ). وهذا الحديث يشير إلى عظمة فضل الصيام وكرامة الصائمين عند الله، حيث أن صيامهم خالص له سبحانه وتعالى، ولا يعلم جزاءه إلا هو. ولذلك يجب على الصائم الحفاظ على صيامه من كل ما قد يفسده لنيل الأجر الكامل.
أيام العشر الأوائل من ذي الحجة
قد أقسم الله -عز وجل- بالعشر الأواخر تعظيماً لها، كما قال: (وَلَيَالٍ عَشرٍ)، وأوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأيام هي من أفضل الأيام التي تُتقرّب بها إلى الله. وقد حثّ على اغتنام هذه الأيام بالأعمال الصالحة، فقال: (ما من أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه العمل فيهنَّ من هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيها من التَّهْليلِ والتَّكبيرِ والتَّحْميدِ).
ويعتبر يوم عرفة من أفضل أيام العشر، حيث ينظر الله -تعالى- إلى أهل عرفة ويثني عليهم، ويُباهي بهم ملائكته، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ اللهَ تعالَى يُباهي ملائقَتَه عشيةَ عرفةَ بأهلِ عرفةَ، يقولُ: انظروا إلى عباديِ، أتوني شُعْثًا غَبْرًا).
يوم الجمعة
يوم الجمعة هو أفضل أيام الأسبوع، وفيه تقوم الساعة. وقد جعل الله فيه ساعة تُستجاب فيها الدعوات، حيث ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (خَيْرُ يَومٍ طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، فيه خُلِقَ آدَمُ، وفيهِ أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيهِ أُخْرِجَ مِنْها، ولا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا في يَومِ الجُمُعَةِ).
كما فرض الله -تعالى- صلاة الجمعة عندما قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ). وينبغي للمسلم أن يسعى لحضور صلاة الجمعة بقلبه وعمله، وأن يحرص على وقتها ويلتفت إلى خطبتها.
الشعائر المكانية
تشمل الشعائر المكانية الأماكن التي فضّلها الله -عز وجل- على سواها، كالمسجد الحرام، المسجد الأقصى، والمسجد النبوي. وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إلى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: مَسْجِدِي هَذَا، وَمَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى). هذه هي أعظم مطارات الله -تعالى-، حيث جعل الله أجر الصلاة فيها أكبر من غيرها، وحرّم على المسلمين ارتكاب المعاصي فيها. كما أن الأجر يتضاعف في تلك الأماكن كما تتضاعف السيئات.
مظاهر شعائر الله
الدين الإسلامي هو الدين الأبدى حتى قيام الساعة، حيث هيأ الله الأسباب الشرعية لحفظه. تمتاز هذه الشعائر بالعديد من المظاهر، وهنا نستعرض بعضها:
- القرآن الكريم
يمثل القرآن أساس كل الشعائر، وقد حثّ الله ورسوله على قراءته، حفظه، والعمل بما جاء فيه. إنه الركيزة الأساسية في الحفاظ على لغة المسلمين، وقد تعهد الله بحفظه حتى يوم القيامة، كما جاء في قوله -تعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
- الصلاة
تعتبر الصلاة من الشعائر الواضحة والمتكررة يومياً خمس مرات. تلعب دوراً في حماية المجتمع من الفحشاء والمنكر، كما تعزز تآلف المسلمين ووحدتهم.
- الزكاة
تُعتبر الزكاة من الشعائر التي تؤثر على النفس بالتطهير من الشح والبخل، وتؤثر على الآخرين بإدخال السرور إلى قلوب الفقراء، مما يعود بالنفع على المجتمع بصفة عامة.
تعظيم شعائر الله
تحقق تعظيم شعائر الله من خلال الالتزام بما أمر به والابتعاد عما نهى عنه. وقد أوضح الله أن تعظيم الشعائر هو من أسباب صلاح القلب واستقامته، كما قال -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب). ومن يتجاوز حدود شعائر الله فقد توعده الله بالخسارة. كما يجب أن يكون تعظيم هذه الشعائر بما يرضى الله وليس بناءً على شهوات النفس. وتعتبر إظهار شعائر الإسلام دليلاً على التقوى وامتثالاً لأمر الله ورسوله وتذكيراً للغافلين وتثبيتاً للمتقين.