تميز العالِم الجليل ابن كثير بتفسيره السلس والميسر للقرآن الكريم. وقد أسس علمه على أيدي مجموعة من العلماء البارزين مثل الإمام الحافظ المزي، والإمام أحمد بن تيمية. في هذا المقال، سنتناول لمحة عن ابن كثير، ونتعرف على اسمه الكامل وتلاميذه.
نبذة عن ابن كثير
- وُلِد ابن كثير في الدولة السورية عام 701 هـ في قرية تُعرف باسم “مجدل” بالبصرية ضمن منطقة سهل حوران، والتي تُعرف اليوم درعا في جنوب العاصمة دمشق.
- بعد وفاة والده الخطيب شهاب الدين، تولى تربيتَه شقيقه الأكبر، الذي قال عنه “كان لنا شقيقًا ورفيقًا شفوقًا.”
- عاصر الإمام ابن كثير العديد من الأحداث خلال القرن الثامن الهجري، حيث كانت البلاد خاضعة لحكم المماليك، ومن أبرز هذه الأحداث الغزو التتاري للدولة الإسلامية.
- كما شهد انتشار المجاعات وأثرها على الدول الإسلامية، بالإضافة لتفشي الأوبئة والأمراض التي أودت بحياة الملايين من الناس.
- نشبت العديد من الحروب، أبرزها الحروب بين الدولة الإسلامية والصليبيين، وسط تزايد الفتن والمؤامرات بين الأمراء ووزراء الدولة.
- ورغم العقبات المتعددة التي واجهتها الدولة الإسلامية في تلك الحقبة، بما في ذلك الحروب والأوبئة، فإن الأنشطة العلمية شهدت ازدهارًا وتوسعًا ملحوظًا، حيث انتشرت المدارس وتزايد عددها.
الاسم الكامل لابن كثير
الاسم الكامل لابن كثير هو “عماد الدين أبو فداء إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضو بن درع القرشي الحسلي البصراوي الشافعي ثم الدمشقي.”
تلاميذ ابن كثير
تعلم العديد من الطلاب على يدي ابن كثير، متلقين علوم الفقه والتفسير، ومن أبرز تلاميذه:
- الحافظ علاء الدين بن الحاجي الشافعي.
- محمد بن محمد بن خضر القرشي.
- شرف الدين مسعود الأنطاكي النحوي.
- محمد بن أبي محمد بن الجزري، “شيخ تعليم قراءات القرآن الكريم”.
- محمد بن إسماعيل بن كثير، “ابنه”.
- ابن أبي عز الحنفي.
- حافظ أبو محاسن الحسيني.
- حافظ زين الدين العراقي.
- الإمام الزيغلي، “صاحب نصب الراية”.
معلمو ابن كثير
تعلم ابن كثير على أيدي مجموعة من العلماء الرائدين، ومن أبرزهم:
- الإمام حافظ يوسف المزي.
- الإمام حافظ الذهبي، “أبو عبد الله محمد بن أحمد”.
- الإمام أحمد بن تيمية.
- الشيخ ابن شحته، “أبو عباس أحمد حجار”.
- الإمام محيي الدين الشيباني، “يحيى”.
- الإمام شمس الدين محمد الشيرازي.
- الإمام حافظ شمس الدين محمود الأصبهاني.
- الإمام عفيف الدين إسحاق بن يحيى الآمدي الأصبهاني.
- الشيخ بهاء الدين قاسم بن عساكر.
شخصية ابن كثير
- امتاز ابن كثير بصفات فريدة وقدرات متميزة، مما جعله واحداً من أفضل العلماء في عصره، حيث كان يتمتع بذاكرة قوية وقدرة على الحفظ، استطاع بفضلها حفظ القرآن الكريم في سن الحادية عشرة.
- ومن الخصائص الملحوظة لديه هو استحضاره وفهمه العميق للأمور، مما أهله للاستنتاجات الصحيحة. كما كان يُعرف بدراسته المستنيرة واجتهاده، وكان يتحرى الدقة في إصدار الأحكام، متسمًا بالصفح ورفق الروح، مُحافظًا على اهتمامه بتلاميذه.
- ناهض ابن كثير البدع، واهتم بإحياء السنة النبوية، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فضلاً عن إنصاف الخصوم وإصلاح الدين. كان دائمًا يُعبر عن أفضل ما في نفسه من غير خشية إلا الله.
مؤلفات ابن كثير وأعماله
- أصْدَر ابن كثير “كتاب تفسير القرآن الكريم لابن كثير”، الذي يُعد ثاني أهم الكتب في هذا المجال بعد كتاب جرير، معتمدًا في تفسيره على الروايات.
- كما ألف كتاب “البداية والنهاية في التاريخ”، الذي يُعتبر موسوعة تاريخية شاملة منذ خلق الإنسان وحتى القرن الثامن الهجري، حيث قام بتجميع آيات القرآن الخاصة بكل نبي وقصته، وموضحًا الصلة بينها بالتفسير والأحاديث.
- من مؤلفاته الهامة أيضًا “اختصار علوم الحديث لابن الصلاح”، والشرح الذي أرفقه متضمنًا تعليقات الشيخ أحمد شاكر المعروف بـ “باعث حثيث”.
- كتب أيضًا “كتاب طبقات شافعية”، الذي تناول فيه تراجم الفقهاء الشافعيين وسيرتهم الذاتية.
- وشملت أعماله “مسند الشيخين”، وهو عمل تناول فيه سيرة أبو بكر وعمر وفضائلهما.
منهج ابن كثير في تفسير القرآن الكريم
- اعتمد ابن كثير في تفسيره للقرآن على وضوح المعاني وشرح الآيات بأسلوب سهل وبسيط، مما يسهل فهم معاني الآيات.
- تسلمت تفسيراته على تفسير كتاب الله بكتاب الله، حيث استخدم آيات أخرى لتوضيح معاني الآيات محل التفسير.
- كان يستشهد بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كمصدر إضافي للتفسير، مع ذكر السند أحيانًا.
- اهتم ابن كثير برأي الصحابة في تفسير القرآن، ضمنًا الآراء التي تمثل أهل العلم في ذلك الوقت.
- كما تطرق إلى الآراء الخاصة بالتابعين ومن تبعهم من العلماء السلفيين.
- استعان أحيانًا بالإسرائيليات، مع توضيح أنه يجب ذكرها لغرض الاستشهاد وليس الاعتماد.
- ركز أيضًا على بيان الأحكام الشرعية من خلال تفسيرات الآيات المتعلقة بها، وقدم أدلة من مذاهب العلماء.
- أخذ ابن كثير بالعوامل اللغوية والشعرية لفهم كتاب الله، ملتفتًا لمقاصد الكلمات وألفاظ اللغة.
- كان يُولي اهتمامًا خاصًا لذكر علماء الدين الذين استند إليهم، مشيرًا إلى أسمائهم وتقديرهم.
- استند ابن كثير أيضًا على الاقتباس من مفسري القرآن الكريم السابقين، مُشيرًا إلى أهم العلماء الذين اعتمد عليهم.
وفاة ابن كثير
توفي ابن كثير يوم 26 شعبان عام 774 هـ في دمشق، عن عمر يناهز 73 عامًا، وقد عانى من فقدان البصر في أواخر حياته وهو يقوم بتأليف “جامع المسانيد”، حتى قال “زلتُ أكتب فيه ليلاً والسراج حتى فقدت بصري.”