أنواع التعاطف مع الآخرين
التعاطف يُعَدّ قدرة فريدة على استيعاب مشاعر الآخرين عاطفياً، ورؤية الأمور من منظورهم، وإمكانية تخيل الذات في وضعهم. توجد عدة أنواع من التعاطف مع الآخرين، ومنها ما يلي:
التعاطف المعرفي
التعاطف المعرفي يُعرَف بأنه القدرة على وضع النفس في مكان شخص آخر وفهم مواقفه من وجهة نظره. تُعتبر هذه المهارة مهمة بشكل خاص في مجالات التفاوض والإقناع والإدارة، حيث تسهم في فهم مشاعر الآخر وأفكاره بطريقة عقلانية دون الارتباط عاطفياً بتلك المشاعر.
يتميز التعاطف المعرفي بأنه لا يتطلب الانغماس في عواطف الشخص الآخر؛ مما يجعل بعض الأشخاص يرون أنه لا يتوافق تمامًا مع تعريف التعاطف كإحساس شديد. إذ أن التعاطف المعرفي يمثل عملية أكثر منطقية وعقلانية، فهو يتطلب التفكير بدلاً من الشعور.
التعاطف المعرفي مهارة قابل للتعلم، ويمكن اكتسابها من خلال التجارب المختلفة والتواصل الاجتماعي، مما يمكّن الشخص من تكوين تصور منطقي يستند إلى ما يمر به الآخرون. ومع ذلك، قد يكون هذا النوع من التعاطف غير كافٍ، حيث يظل الشخص في مسافة من الآخرين؛ مما يُعوق بناء علاقات وروابط قوية مبنية على الثقة.
التعاطف العاطفي
التعاطف العاطفي يُشير إلى الشعور الدقيق بمشاعر الآخرين، بمعنى الاختبار الجسدي لتلك المشاعر، مما قد يؤدي إلى ما يُعرف بالضيق الشخصي. وهذا يعني أن الشخص يشعر بالألم أو المعاناة استجابة لتجارب الآخرين، وخاصًة في حالات الأزمات.
إلا أن مشاعر الضيق المرتبطة بالتعاطف العاطفي لا تعكس بالضرورة مشاعر الشخص الآخر، فبينما يعاني المتعاطف من الضيق عندما يتعرض شخص ما لأذى، لا يعاني من نفس الألم الجسدي الناتج عن ذلك الحادث. يعتبر التعاطف العاطفي محورياً في تحفيز الأفراد لمساعدة الآخرين الذين يمرون بمواقف صعبة، وهو يمثل أحد أسمى مظاهر السلوك البشري.
تتمثل إيجابية هذا النوع من التعاطف في تعزيز قدرة الشخص على فهم ومعايشة مشاعر الآخرين وألمهم، مما يُعتبر أمراً حيوياً في مجالات مثل الطب والرعاية الصحية. ومع ذلك، في بعض الأوقات، قد يزيد التعاطف عن حده، مما يدفع الشخص لفقدان السيطرة على مشاعره، وبالتالي يعيق تصرفاته السليمة حيث لا يستطيع التصرف بشكل مناسب.
التعاطف الجسدي
التعاطف الجسدي هو استجابة جسدية تحدث نتيجة لما يشعر به الشخص الآخر، فعلى سبيل المثال، قد يشعر الشخص بالتوتر أو الانزعاج أو حتى احمرار الوجه بسبب الإحراج الذي يتعرض له شخص آخر، أو قد يشعر بالألم عند رؤية إصابة أحدهم. يتم ملاحظة هذا النوع من التعاطف بشكل ملحوظ لدى التوائم المتطابقة.
التعاطف الرحيم
التعاطف الرحيم يُعتبر الأكثر شيوعاً ووضوحاً عند الإشارة إلى التعاطف، حيث يتضمن الشعور بآلام الآخرين والإرادة للمساعدة. يُبرز هذا النوع من التعاطف أهمية الرحمة، إذ يتعلق بالشعور بالقلق تجاه معاناة الآخرين مع الشعور بالحاجة إلى الفعل لتخفيف الألم وحل المشكلات.
بصفة عامة، يمثل التعاطف الرحيم النوع الأكثر توافقًا مع مختلف المواقف؛ حيث إن الأشخاص الذين يحتاجون للتعاطف لا يرغبون فقط في فهم مشاعرهم (مثل التعاطف المعرفي) أو الشعور بمعاناتهم (مثل التعاطف العاطفي)؛ بل يحتاجون إلى دعم فعلي للمساعدة في تخفيف معاناتهم وحل مشكلاتهم، وهو ما يُقدمه التعاطف الرحيم.