يعتبر التوحد من الاضطرابات النفسية التي تم التعرف عليها مؤخرًا، وكان تشخيصه يمثل تحديًا كبيرًا. يشمل هذا الاضطراب الأطفال الصغار، حيث يمكن أن يظهر في سن مبكرة، حتى عند بلوغ الطفل عامين من العمر. يُعرف التوحد أيضًا باضطرابات طيف التوحد أو اضطرابات النمو الشائعة، ويتطلب التدخل من مختص في الطب النفسي، بالإضافة إلى تقبل من الأهل والأشخاص المحيطين. من خلال هذا المقال، سنستعرض ما إذا كان التوحد يُعتبر مرضًا عقليًا أم لا.
هل يُعتبر التوحد مرضًا عقليًا؟
التوحد ينجم عن طفرات جينية أو عوامل بيئية، وهو حالة نفسية تتفاوت شدة أعراضها من شخص لآخر. كان الطب النفسي يفتقر إلى التفسير المناسب لهذه الاضطرابات في السابق، ولكن مع زيادة الوعي بتلك الأمراض، وخاصةً مرض التوحد، بدأ الآباء في ملاحظة تصرفات غير عادية لدى أطفالهم، مما أدى إلى مزيد من الفهم لأسباب هذه الاضطرابات.
يعتبر مرض التوحد من الأمراض الشائعة على مستوى العالم، حيث يُصاب طفل واحد تقريبًا من بين كل 160 طفلًا. ورغم تنوع الأعمار التي قد يظهر فيها المرض، يُعد التوحد أو طيف التوحد مرضًا مزمنًا. على الرغم من عدم إمكانية الشفاء التام، يمكن اتخاذ خطوات لتخفيف الأعراض، مما يجعل التدخل النفسي ذا أهمية قصوى.
أعراض التوحد
غالبًا ما يُعاني مرضى التوحد من أعراض قد يتم تصنيفها في البداية كأعراض نفسية لأمراض أخرى. لكن مع تفاقم الأعراض وصعوبة التعامل معها بالطرق التقليدية، تم تحديد مجموعة من الأعراض التي تشير إلى هذا المرض، وتشمل:
- صعوبة في التواصل والتفاعل مع الآخرين.
- عدم القدرة على التواصل باللمس مع الآخرين.
- اهتمام متزايد بالنظافة والدقة المفرطة.
- تركيز المريض على نشاط أو موضوع واحد فقط.
- صعوبة في التواصل البصري، وعدم النظر إلى الشخص أثناء الحديث.
- المقاومة لأي تغييرات وعدم القدرة على التكيف، مما يجعل حياة الفرد تميل إلى الروتين.
- تركز شديد في العمل أو الدراسة.
- أسلوب التواصل لديه رسمي للغاية، وكأنه يتصرف مثل الروبوت.
- الانتظام في مواعيد النوم والاستيقاظ.
أسباب مرض التوحد
يعتقد أن العوامل الوراثية تلعب دورًا مهمًا في ظهور هذا المرض، وفي الوقت الحالي تُجرى الأبحاث لتطوير أدوية تؤثر على الاضطرابات الجينية. ومع ذلك، تبقى الأسباب الحقيقية والواضحة لهذا المرض غير مفهومة بالكامل. في بعض الأحيان، تنجم طفرات متعددة في مجموعة من الجينات عن ظهور التوحد، وقد يكون للمرض ارتباط ببعض الحالات مثل متلازمة ريت ومتلازمة الكروموسوم X الهش.
مراحل تشخيص التوحد
نظرًا لأن أعراض التوحد قد تشبه أعراض العديد من الأمراض النفسية الأخرى، يُعتبر إجراء مجموعة من الفحوصات والخطوات ضروريًا لتأكيد التشخيص. وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأخير في العلاج، مما يستدعي صبر الأفراد القريبين من المصاب. تشمل مراحل تشخيص التوحد ما يلي:
- الجلوس مع مختص نفسي للحصول على تقييم شامل، ومناقشة جميع التفاصيل المتعلقة بالطفل.
- إجراء الفحوصات الطبية لاستبعاد وجود أمراض أخرى، مثل الفحوصات المخبرية والجينية والفحص الجسدي العام.
- التأكد من أن صعوبة التواصل ليست ناتجة عن مشاكل سمعية، بواسطة مجموعة من الفحوصات اللازمة.
- قياس مستوى الرصاص في جسم الطفل، حيث أن التسمم بالرصاص قد يؤدي إلى تأثيرات عقلية ونفسية مشابهة للتوحد.
- إجراء مجموعة من الاختبارات النفسية مثل الاختبارات المعرفية لتقييم القدرات العقلية ومهارات التفاعل الاجتماعي.
يُعتبر التوحد من الموضوعات الهامة، حيث لا تتوقف الأبحاث والدراسات حوله. يتطلب التعامل مع هذا المرض رعاية خاصة من الأفراد المحيطين، بالإضافة إلى تفهم من المصاب نفسه. من الضروري نشر الوعي حول مرض التوحد على نطاق واسع، خاصةً في بيئات المدارس.