يُعتبر الإسلام دين الرحمة والتسامح والسلام؛ حيث يُعبر عن يسر الدين الإسلامي في تعاليمه وتوجيهاته. إذا كلف الله سبحانه وتعالى عبده بأمر ما وكان في مقدوره القيام به، فإنه يُشجعه على ذلك.
أما إذا كان من الصعب على الشخص تنفيذ هذا الأمر، فإن الشريعة تعمل على التخفيف من وطأته. لذا، نستعرض في موقع مقال maqall.net الأدلة التي تدعم هذه المقولات.
الإسلام وتعاليمه
- تتجسد مكارم الأخلاق في مبادئ الدين الإسلامي، الذي يحتوي على العديد من الصفات الحميدة التي ينبغي على جميع الأفراد الالتزام بها. وقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في قوله: (إنما بُعثت لأُتمِّم مكارم الأخلاق).
- فمكارم الأخلاق تُعبر عن ابتعاد الأفراد عن المعاصي كالقتل، والحروب الأهلية، والنميمة، وكره الخير للآخرين، وغيرها من الصفات المكروهة.
- لذا، ينبغي أن يسود التعامل الطيب بين جميع الأشخاص في شتى أنحاء العالم، لتعزيز الخير والرحمة بين الناس.
- قال الله تعالى: (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، مما يؤكد على ضرورة أن يتسم كل داعية بالأسلوب الرحيم عند تقديم النصيحة للآخرين.
- فإن الخطأ في التعامل قد يؤدي إلى نفور الناس من الدين الإسلامي. أما الرحمة، فهي السمة التي اتسم بها جميع الأنبياء والرسل في رسالتهم.
- لكن في الوقت الحاضر، نشهد غياب هذه الآية الكريمة في سلوكيات العديد من الدعاة، ما يتطلب منا التنبيه على ضرورة الابتعاد عن العبارات المنفرة والبحث عن أسلوب التراحم واللين عند تقديم النصيحة، خاصةً تجاه غير المسلمين، لجعل قلوبهم تميل إلى الإسلام.
الرحمة في الإسلام
- أحد الأدلة على أن الإسلام دين الرحمة هو السماح للمسافر بقصر الصلاة.
- كما يمكن للمسلم الإفطار في نهار رمضان في حال كونه مسافرًا، وهذا يدل على رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده.
- من الآيات التي توصي بضرورة التراحم بين المسلمين، قول الله تعالى: (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ).
- كذلك لم تقتصر رحمة الله على المسلمين فحسب، بل تشمل كافة المخلوقات. قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء).
- إن موضوع الرحمة في الإسلام يتطلب أن تُغرس هذه القيمة في نشأة الطفل، ليكبر على حب الخير للآخرين ورغبتهم في مساعدتهم، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
- يدلل الحديث الشريف على أن الرحمة من أساسيات ديننا الإسلامي، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الأَرْضِ).
مظاهر الرحمة في الدين الإسلامي
لتأكيد أن الدين الإسلامي هو دين التراحم، يجب الإشارة إلى بعض المظاهر اليومية التي تثبت هذه الحقيقة. من بين هذه المظاهر:
رحمة الله بعباده
- فرض الله عز وجل على المسلمين الصلاة خمس مرات في اليوم فقط، كما أن الزكاة تُدفع بنسبة بسيطة من إجمالي المال.
- إن مظاهر التراحم تمتد لتشمل فريضة الصوم في شهر رمضان، والحج مرة واحدة في السنة.
- رحمة الله شملت جميع المخلوقات، حيث قال في القرآن الكريم: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُم فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا).
رحمة الوالدين بالأبناء
- يجب أن تظهر رحمة الوالدين في تربيتهم لأبنائهم، والاستجابة لمشاعرهم والحزن عند وقوع أي مكروه لهم.
رحمة الأبناء بالوالدين
- تظهر مظاهر الرحمة في حياة الأبناء عند التعامل مع الآباء كبار السن، بالرفق والرعاية.
- فطاعة الأبناء للوالدين تؤدي إلى مضاعفة الحسنات وتحقيق الخير في ميزان الأعمال، لذلك يجب معاملتهم بلطف وعدم الاستياء.
رحمة الإسلام بالحيوانات
كما أن الرحمة في الإسلام لا تقتصر على البشر، بل تشمل جميع الكائنات الحية، بما في ذلك:
- ينبغي أن يقدم المسلم العون للحيوانات من خلال إطعامها، اللعب معها دون إيذائها، وتوفير الماء لها، فهي لا تستطيع التعبير عن احتياجاتها، لذا يجب التعامل معها برحمة.
- ويروي أبو هريرة رضي الله عنه قائلاً: (بينما كلبٌ يطيف بركية، كاد يقتله العطش، إذ رأته بغي من بغايا بني إسرائيل، فنزعت مُوقَها فسقته فغفر لها بذلك).
رحمة اليتامى والمحتاجين
تحقق الرحمة بالمساكين واليتامى من خلال الإحسان إليهم، ضمان حقوقهم، ودعمهم في جميع الظروف، ومشاركة أحزانهم وأفراحهم.
رسول الله رحمة للعالمين
- أرسل الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليكون رحمة للعالمين، وليست للمسلمين فحسب، بل تشمل جميع الكائنات على وجه الأرض. قال الله تعالى: “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.
- لولا هداية النبي صلى الله عليه وسلم، لكان مصير البشرية الضياع والنار في الآخرة.
قصص عن الرحمة في الإسلام
رحمة النبي بالكفار
- تروى السيدة عائشة رضي الله عنها قولها للنبي صلى الله عليه وسلم: (هل أتَى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، حين عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال، فلم يُجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم).
- (فرفعت رأسي، فإذا سحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم.
- فقال ملك الجبال: يا محمد، فإن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فعليك بذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: بل أرجو أن يُخرج الله من أصابهم من يعبد الله وحده لا يُشرك به شيئًا).
قصة شيخ الإسلام ابن تيمية مع الفقراء
في أحد الأيام، بينما كان ابن تيمية يسير في طريق، شاهد مجموعة من الفقراء، فرفعوا أيديهم إلى الله تعالى. لكنه لم يكن لديه ما يمنحهم؛ ففكر في خلع ملابسه ليبيعها ويجلب لهم ما يحتاجونه.