ترقيق الراء في سورة النجم
تعتبر أحكام التجويد من العناصر الأساسية في قراءة القرآن الكريم، ونخص بالذكر هنا حرف الراء وأحواله في قراءة حفص عن عاصم. من الأمثلة على ترقيق الراء في سورة النجم الآتي:
- الموضع الأول
في قوله -تعالى-: (فَأَعْرِضْ عَمَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، نلاحظ أن الراء مرققة في كلمات: (فَأَعْرِضْ)، (ذِكْرِنَا)، و(يُرِدْ).
- الموضع الثاني
في قوله -تعالى-: (هَـذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولَى)، جاءت الراء مرققة في كلمة: (النُّذُرِ) عند الوصل فقط، ومن الجدير بالذكر أنه لم يتم ترقيق الراء في سورة النجم إلا في هذين الموضعين.
أحكام ترقيق الراء
تعتمد قراءة القرآن الكريم على التلقي والمشافهة، حيث يتلقى الشخص القواعد الصحيحة من القراء المتخصصين. عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: (سمِعْتُ رَجُلًا يقرَأُ آيةً أقرَأنيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلاف ما قرَأ، فَأتَيْتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يُناجي عليًّا، فذكَرْتُ له ذلك، فأقبَل علينا علي وقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأمُرُكم أن تقرَؤوا كما عُلِّمْتُم).
ترقيق الراء أو تفخيمها يُعد جزءًا من قواعد التجويد، ويمكن تلخيص أحكام الراء فيما يلي:
- الأصل في الراء هو التفخيم
يرى جمهور القراء أن الأصل في الراء هو التفخيم على الرغم من كونها من حروف الاستفال، وسبب ذلك هو موقعها في ظهر اللسان وقوتها في الصفات مما يجعل التفخيم هو الأصل لها.
- سبب ترقيق الراء
بناءً على قول الجمهور بأن التفخيم هو الأصل للراء، فإن ترقيقها يكون لأسباب معينة، مثل: إذا كانت متحركة بالكسرة، أو إذا طلب الروم عند الوقف وهي مكسورة، أو إذا كانت ساكنة تسبقها ياء أو كسرة بشرط أن تكون الكسرة متصلة وأصلية، وألا يتبعها حرف استعلاء.
- أحكام الراء
هناك ثلاثة أحكام للراء هي: التفخيم، والترقيق، وما يجوز فيه الوجهان.
حالات ترقيق الراء
يتحقق ترقيق الراء في قراءة حفص عن عاصم في الحالات التالية:
- إذا كانت الراء مكسورة
وذلك سواء كانت مخففة كما في كلمات الموضع الأول من سورة النجم: (فَأَعْرِضْ)، (ذِكْرِنَا)، (يُرِدْ)، أو كانت مشددة كما في كلمة: (الرِّجَالُ).
- إذا كانت الراء ساكنة وقبلها كسر أصلي في كلمة واحدة وليس بعدها حرف استعلاء، مثل: (فِرعَونَ) و(مِريَةٍ).
- إذا كانت الراء في نهاية الكلمة وسكنت وكان قبلها حرف ساكن من حروف الاستفال، وقبل الساكن كسر في نفس الكلمة، سواء كان السكون أصليًا مثل: (فَاصبِر) و(فَأَنذِر)، أو كان عارضًا مثل: (قُدِرَ) و(كُفِرَ).
- إذا كانت الراء في نهاية الكلمة وسكنت وقفًا وكان قبلها ياء ساكنة.
سواء كانت الياء مدية كما في: (بَصِيرٌ) و(لَّخَبِيرٌ)، أو كانت ياء لينة كما في: (السَّيْرَ) و(خَيْرٌ).
- إذا كان بعد الراء حرف ممال
تم ذكر ذلك في موضع واحد في القرآن الكريم: (مَجْرَاهَا)، في قوله -تعالى-: ﴿وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا﴾.
- إذا كانت مكسورة ووقفنا عليها بالروم مثل: (خُسْرٍ) و(وَالْقَمَرِ).
الحالات التي يجوز فيها الوجهان
أما ما يجري فيه الوجهان فالتأكيد على الترقيق مقدّم في الأداء. وقد حدث هذا في أربع كلمات في القرآن الكريم:
- الكلمة الأولى: (فِرْقٍ)
وردت في قوله -تعالى-: ﴿فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ﴾، ويجوز فيها الوجهان وصلاً ووقفاً، فممن رققها اعتمد على قاعدة أن الراء ساكنة وقبلها كسر أصلي، ما بعدها حرف استعلاء يذهب بقوتها. بينما من فخمها نظر إلى حرف الاستعلاء.
- الكلمة الثانية: (الْقِطْرِ)
جاءت في قوله -تعالى-: ﴿وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ﴾، حيث ترقق في الوصل لكون الراء مكسورة، وفي الوقف يمكن فخمها بسبب وجود حرف الاستعلاء.
- الكلمة الثالثة: (فَأَسْرِ) و(أَنْ أَسْرِ)
جاءت في حالة الوصل برؤية واحدة وهي الترقيق بسبب الكسر.
- الكلمة الرابعة: (يَسْرِ)
ووردت في قوله -تعالى-: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾، حيث جاءت في حالة الوصل بوجه واحد هو الترقيق، وفي حالة الوقف جاء وجهان.
تجدر الإشارة إلى أن التفخيم ينظر إليه بشكل أكبر في الأداء كما يلي:
- الكلمة: (مِصْرَ) غير المنونة
في الوصل يكون لها وجه واحد هو التفخيم، وفي الوقف يجري الوجهان، حيث تأتي في أربعة مواضع:
- سورة يونس
في قوله -تعالى-: (وَأَوحَينا إِلى موسى وَأَخيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَومِكُما بِمِصرَ بُيوتًا…).
- سورة يوسف
كذلك وردت في قوله -تعالى-: (وَقالَ الَّذِي اشتَراهُ مِن مِصرَ لِامرَأَتِهِ أَكرِمي مَثواهُ…)، وأيضًا في قوله: (.. وَقالَ ادخُلوا مِصرَ إِن شاءَ اللَّـهُ آمِنينَ).
- سورة الزخرف
في قوله -تعالى-: (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ…).
- كلمة: (وَنُذُرِ) من سورة القمر
ووردت في ستة مواضع من سورة القمر، مثل قوله -تعالى-: ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾، وفي حالة الوصل ترقق بسبب كسرة الراء.
وأما في الوقف فتجري الوجوه، حيث من رققها اعتبر حذف الياء (ونذري)، ومن فخمها اعتبر أن الراء ساكنة وما قبلها مضموم. كما يقول الشيخ المرصفي: “التفخيم هو المعمول به عند أهل الأداء، وبه قرأنا وبه نقرئ”.