تُعتبر مناهج البحث في التربية المقارنة من العناصر الأساسية في ميدان الدراسات التعليمية. إذ إن التربية المقارنة تُساهم بشكل كبير في تحسين العملية التعليمية وتطوير البيئة التعليمية. من خلال هذا المقال، سنتناول أهم مناهج البحث في التربية المقارنة، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه الباحثين في هذا المجال.
تعريف التربية المقارنة وأبعادها
التربية المقارنة هي مجال بحثي يُركز على تحليل أنظمة التعليم في دول معينة، ومقارنتها بأنظمة تعليمية في دول أخرى، بهدف استخلاص النتائج الرئيسية وتطوير الاستراتيجيات التي تساهم في تحسين عملية التعليم. يهدف هذا البحث إلى فهم المشكلات التعليمية خارج الإطار الوطني.
أبعاد التربية المقارنة
تتعدد مجالات ومناهج البحث في التربية المقارنة، ومن أبرزها ما يلي:
1ـ المنهج الإحصائي الكمي
يعتمد هذا المنهج على جمع بيانات تعليمية عن دولة معينة، مثل: عدد الطلاب في مراحل دراسية مختلفة، الظروف الاقتصادية المحيطة بهم، رواتب المعلمين، المنشآت التعليمية، نسب النجاح والإخفاق، وغيرها من المعلومات التي تؤثر على العملية التعليمية. تُقارن هذه المعلومات معلومات الدول الأخرى بطريقة إحصائية.
لكن قد تواجه هذا المنهج بعض التحديات، مثل عدم الدقة في جمع البيانات مما قد يُفقد المعلومات موثوقيتها، وقد تؤدي إلى بعض الأخطاء. كما أن المصطلحات التعليمية قد تختلف بين الدول، مما يسبب تشويهاً في البحث.
وبالتالي، فإنه من الصعب فهم الخصائص التعليمية التي تنجم عن الظروف الاجتماعية والثقافية والسياسية في بلدان مختلفة، مما يُحدد من فعالية التطبيق الإحصائي في التربية المقارنة.
2ـ المنهج الاجتماعي المقارن
تتناول هذه الطريقة دراسة المشكلات الاجتماعية في ظل السياقات المختلفة، مثل ظاهرة الرسوب في المرحلة الابتدائية، ومقارنة عواملها بين البلدان.
يتطلب هذا المنهج فحص الأوضاع الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تسهم في المشكلات التعليمية، حيث أن كل قضية تعليمية تتأصل في الخلفيات الثقافية والاجتماعية التي تساهم في ظهورها.
من التحديات الرئيسية التي يواجهها هذا المنهج صعوبة دراسة المشكلة من جوانبها الثقافية والاجتماعية والدينية في دولة معينة ومقارنتها مع دولة أخرى، إذ تتنوع البيئات الاجتماعية بشكل كبير مما يزيد من تعقيد عملية جمع المعلومات.
3ـ المنهج التاريخي المقارن
يتضمن هذا المنهج دراسة المشكلات التعليمية الحالية من خلال مراجعة وتقييم المناهج السابقة، بهدف استبعاد العوامل السلبية وتعزيز الإيجابيات في النظام التعليمي.
كما يتناول المنهج التأثيرات الخارجية المختلفة التي تؤثر على العملية التعليمية، مثل الأمور الاجتماعية والثقافية والدينية.
تحديات البحث في التربية المقارنة
يواجه الباحثون في الدراسات المقارنة مجموعة من التحديات الناتجة عن طبيعة هذا النوع من البحث، ومن أهمها:
- صعوبة جمع المعلومات: تعتمد التربية المقارنة على تجميع بيانات من مصادر وعلوم متنوعة لدراسة جوانب العملية التعليمية.
- اختلاف المصطلحات: اختلاف المصطلحات المستخدمة في التعليم بين الدول قد يؤدي إلى عدم دقة المعلومات المستخلصة.
- التواصل مع الأنظمة التعليمية في الدول الأخرى، مما يتطلب من الباحث أن يكون ملماً بكافة جوانب هذه الأنظمة وأن يكون قادراً على التواصل بلغة تلك الدول، بالإضافة إلى ضرورة زيارة هذه الأنظمة للاطلاع عن كثب.
- التحيز الشخصي: من أبرز القضايا التي قد تؤثر على الدقة في النتائج، حيث قد يتعصب الباحث لبلد معين دون آخر، مما قد يُشوه البيانات والنتائج.
لطالما سعى الإنسان عبر العصور إلى التقدم والتكيف مع المتغيرات، خاصة في مجال التعليم، حيث تزداد الحاجة مع تطور الثورة المعلوماتية إلى ابتكار نظريات تعليمية جديدة.