الذاكرة البشرية
تُعتبر الذاكرة البشرية إحدى العمليات العقلية الأساسية، حيث تختص بتسجيل التجارب البشرية المتنوعة وحفظها واسترجاعها حسب الحاجة. وعلى عكس الذاكرة الإلكترونية، تتميز الذاكرة البشرية بقدراتها الهائلة وطبيعة عملها المرنة، حيث يمكن أن تفوق النتائج التوقعات في ظل التهيئة المناسبة. بينما تعتمد ذاكرة الحواسيب على أنظمة محددة سلفاً. لهذا السبب، جذبت الذاكرة اهتمام الباحثين في مجالات علم النفس وعلوم الأعصاب والتربية، نظراً لأهميتها البارزة في التطور البشري وإمكانية الاستفادة منها.
ترتبط الذاكرة البشرية بثلاث عمليات رئيسية هي: الترميز، التخزين، والاسترجاع. يتمثل الترميز في إعطاء المعاني للمثيرات والخبرات الحسية الجديدة، مما يساهم في نقل هذه الخبرات إلى الذاكرة طويلة المدى. أما التخزين فيشير إلى الاحتفاظ بالمعلومات، في حين أن الاسترجاع يعني استعادة المعلومات أو الخبرات المخزنة سابقاً.
أنواع الذاكرة
الذاكرة الحسية
تعتبر الذاكرة الحسية البداية الأساسية للذاكرة البشرية، حيث تقوم باستقبال المدخلات الخارجية والمثيرات المتنوعة عبر الحواس الخمس. تتميز هذه الذاكرة بكونها غير محدودة، وقادرة على التمييز بدقة بين المعلومات، مما يمكّن الدماغ من تكوين صورة شاملة عن المكان والزمان. إلا أن المعلومات تُخزّن في هذه الذاكرة بشكل حسّي فقط، ولا تدوم أكثر من خمس ثوانٍ.
الذاكرة قصيرة المدى
تعرف الذاكرة قصيرة المدى أيضاً بالذاكرة العاملة، اذ تحتوي على المعلومات النشطة التي يفكر فيها الفرد. تُعد هذه المرحلة الثانية في عملية تخزين المعلومات وتعتبر نوعاً آخر من التذكر، حيث تستقبل المعلومات الهامة عبر الحواس وتحتفظ بها مؤقتاً، مما يتيح التعامل معها. يتمثل التخزين في الذاكرة قصيرة المدى بطريقة إدراكية، سواءً كانت بصرية أو لفظية، لكن سعتها محدودة، حيث لا يمكن للفرد التفكير في أكثر من تسعة أشياء في نفس الوقت، مما يفسر احتفاظها بالمعلومات لفترة قصيرة لتسهيل استقبال معلومات جديدة.
الذاكرة طويلة المدى
تمثل الذاكرة طويلة المدى المفهوم العام للذاكرة، حيث هي المسؤولة عن تجميع التجارب التي يكتسبها الفرد على مدار حياته. تنقل إليها المعلومات التي تستقبلها كل من الذاكرتين الحسية وقصيرة المدى، وتعمل على تفسير المعلومات ومنحها معاني لحل الارتباطات بينها. بعد عملية تحليل وتنظيم، تصبح هذه الذاكرة قادرة على استعادة كل المواقف المشابهة للتجارب المخزنة، حتى تلك التي مضت عليها عشرات السنين. ورغم إمكانية فقدان بعض المعلومات، فإن تخزين هذه الذاكرة للمعلومات يتميز بأنه لا نهائي من حيث السعة ومدة التخزين. ومع ذلك، قد يتم طمس بعض المعلومات الأقل أهمية لصالح استرجاع معلومات أخرى أكثر أهمية.