إن “اتق الله حيثما كنت” هو حديث نبوي يبرز معاني سامية في ديننا الإسلامي، حيث تُعد التقوى وسيلة للنجاة في الحياة، وهي المفتاح الذي يوجهنا نحو الحق والعزة.
تمثل التقوى الغرض الأساسي الذي يسعى إليه الكثير من الصالحين لتوجيه حياتهم وفقاً لمشيئة الله تعالى، إذ تعني محاسبة النفس والخوف من الرب في جميع الأفعال.
نص حديث “اتق الله حيثما كنت”
سنستعرض فيما يلي شرح معنى “اتق الله حيثما كنت”:
- يبدأ الحديث بكلمات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى مُعاذ بن جبل -رضي الله عنه- عندما أرسله إلى أهل اليمن: (اتَّقِ اللَّهِ حيثُ ما كنتَ، وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ).
شرح حديث “اتق الله حيثما كنت”
- التقوى تعني الخوف من الله وتجنب السبل التي قد تؤدي إلى الشهوات والمعاصي.
- يعني الحديث أن المؤمن يجب أن يكون راضياً بما يقدمه الله له، فهو الخير الوحيد، وأن يكون مستعداً ليوم الفراق.
- يعكس الحديث التزام الفرد المستمر بتنفيذ أوامر الله والابتعاد عن نواهيه سواء المحرمة أو المكروهة.
- تشير التقوى إلى أن يسعى المسلم للامتثال لأوامر الله في كل الأوقات، سواء بين الناس أو في الخفاء.
- يعتقد البعض أن التقوى تقتصر على أداء الصلوات والصيام، لكن معناها الشامل يتضمن الابتعاد عن كل ما حرمه الله.
- تتجلى التقوى أيضاً في الإحسان إلى الخلق ومعاملة الناس بلطف، ومنح كل شخص حقه بشكل كامل.
عظمة التقوى
بعد استعراض معنى الحديث “اتق الله حيثما كنت”، نقدم فيما يلي أبرز فوائد وعظمة التقوى:
- تتجلى عظمة التقوى في خوف المسلم تجاه نفسه من كل ما يغضب الله، والابتعاد عن كل ما يرمي به إلى نار جهنم.
- قال الله تعالى في سورة المدثر: (كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ* فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ* وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ).
- التقوى وردت في آيات عديدة من القرآن الكريم، مثل آية سورة آل عمران: (وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)، وفي سورة البقرة: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّـهِ).
آراء العلماء حول تعبير “حيثما كنت”
نستعرض من خلال مقالنا حول “اتق الله حيثما كنت”، أبرز الآراء العلمية بشأن كلمة النبي صلى الله عليه وسلم “حيثما كنت”:
- وقد اختلف العلماء في مفهوم “حيثما كنت”، فبعضهم يرى وجود ضابط الزمان.
- أي يتوجب على المؤمن الالتزام بجميع أوامر الله في كل الأوقات للوصول إلى الجنة.
- ويرى آخرون أنه يجب أن يكون هناك ضابط للخفاء، مما يعني أن يلتزم المسلم بأوامر الله سواء بجوار الناس أو بسر.
- إذ يجب أن يتذكر أنه تحت نظر الله في جميع تصرفاته.
- أيضاً، يعتبر بعض العلماء أن هناك ضابط مكان، مما يعني الامتثال لأوامر الله بغض النظر عن المكان.
- كما أشار العلماء إلى ضابط الحال، إذ يجب أن يلتزم الشخص بالتقوى في جميع حالات حياته.
حقيقة التقوى
تقع التقوى في عمق فطرة كل شخص منا، وهي ضرورية للوصول إلى الجنة:
- تبدأ التقوى بالإيمان بالله والخوف من عواقب المعاصي.
- ثم تنتقل إلى الابتعاد عن كل ما نهى الله عنه.
- بعد ذلك، تتحول التقوى إلى التطبيق العملي لما تعلمه الفرد في جميع جوانب حياته.
يقول الصحابي الجليل ابن عباس -رضي الله عنه- عن التقوى: “أَنْ يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى، وأن يُشكَرَ فلا يُكفَر”.
شروط وجود التقوى
لابد من توفر العناصر التالية لضمان اكتمال التقوى لدى الفرد:
- القيام بكل ما أمرنا الله به.
- الابتعاد عن المنهيات والمعاصي وأخطار الشهوات.
- اتقاء الشبهات.
- فعل المندوبات.
- ترك المكروهات.
صفات المتقي
هناك مجموعة من الصفات ينبغي أن يتصف بها الشخص الذي لديه تقوى كاملة، وهذه الصفات تشمل:
- أداء جميع العبادات الدينية.
- الصبر في المواقف الصعبة.
- العفو عن الآخرين.
- تحمل الأذى والإحسان إلى الناس.
- توبة سريعة عند وقوع المعصية.
- مد يد العون للمحتاجين.
- تيسير الأمور للمتعسرين.
- إزالة الأذى من الطريق.
- تخفيف العبء عن الآخرين.
فوائد التقوى
بعد التعرف على معنى حديث “اتق الله حيثما كنت”، نستعرض أبرز الفوائد المتعلقة بالتقوى:
- تكون من أولياء الله بأفعالك وتصرفاتك مع الآخرين.
- تنال حفظ ورعاية الله.
- تُنجى من الشدائد والصعوبات.
- تبتعد عن الحزن والهموم.
- تُقبل أعمال المؤمن الصالحة.
- تكتسب صفات مثل الفراسة والحكمة والذكاء.
- تحظى بعاقبة محمودة.
- ينتشر الأمن والسلام في المجتمع.
- تعيش في صحة ورفاهية.
- تحقق السعادة والسكينة في القلب.
- تنال رزقا حلالا وخيرات لا حصر لها.
- تُغفر لك ذنوبك.
- تحصل على النور في حياتك.
- تتلقى البشارة عند الموت ويوم القيامة.
- تنقذ من عذاب الآخرة.
كيفية تقوى الله
لوصول المسلم إلى مراتب التقوى، يتعين عليه القيام بعدد من الأمور، منها:
- معرفة الطريق الصحيح نحو الجنة.
- الخوف من عذاب النار.
- الاجتهاد في طاعة الله.
- التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة.
- الحرص على صيام النوافل، فهو أفضل الأعمال عند الله.
- التخلق بأخلاق عباد الله المتقين.